بحيثُ يُبيحُ ذلك تَخلُّفَه عن الجمُعةِ والجَماعةِ؛ إذ لا مَشقَّةَ في حُضورِه، ولا مَضَرَّةَ عليها؛ فلا وَجهَ لِلتَّخَلُّفِ.
لكنَّ الإمامَ مالِكًا خَفَّفَ لِلزَّوجِ تَركَ بعضِ الصَّلاةِ في الجَماعةِ؛ للاشتِغالِ بزَوجِه، والسَّعيِ إلى تَأنِّيها واستِمالَتِها.
قالَ الإمامُ مالِكٌ: ولا يُعجِبُني تَركُ العَروسِ الصَّلاةَ كلَّها، يَعني في الجَماعةِ، وخُفِّفَ له تَركُ بعضِها للاشتِغالِ بزَوجِه والجَريِ إلى تأنيسِها واستِمالَتِها، هذا فيما عدا الجمُعةَ التي شُهودُها فَرضٌ (١).
قال ابنُ بطَّالٍ ﵀: قالَ ابنُ حَبيبٍ: ويَخرُجُ إلى حَوائِجِه وصَلاتِه بِكرًا كانَت أو ثَيِّبًا، كانَت له زوجةٌ أُخرى أو لا. ورَوى ابنُ أبي أُوَيسٍ عن مالِكٍ، فيمَن دخلَ على امرأتِه لَيلَةَ الجمُعةِ، أيَتخَلَّفُ عن الجمُعةِ؟ قالَ: لا، تَزوَّج أميرُ المُؤمِنينَ المَهدِيُّ بالمَدينةِ، فخرَج إلى الصُّبحِ وغيرِها. ورَوى ابنُ القاسِمِ، عن مالِكٍ في العُتبِيَّةِ، قالَ: لا يَتخَلَّفُ العَروسُ عن الجمُعةِ، ولا عن حُضورِ الصَّلواتِ، وهو قولُ الشافِعيِّ. قالَ سُحنونُ: وقد قالَ بَعضُ النَّاسِ: لا يَخرُجُ، وذلك حَقٌّ لها بالسُّنةِ. قالَ المُؤلِّفُ: هذا على مَنْ تَأَوَّلَ إقامَتَه عندَ البِكرِ والثَّيِّبِ على العُمومِ، ومَن رَأى أن يَخرُجَ إلى الصَّلواتِ، تَأوَّل إقامَتَه عندَها على ما يجبُ لها مِنْ القِسمةِ والمَبيتِ دونَ غيرِها مِنْ أزواجِه، فليس ذلك بمانِعٍ له مِنْ حُضورِ الصَّلواتِ، كما يَفعلُ غيرُ العَروسِ
(١) «البيان والتَّحصيل» (١/ ٣٥٧)، و «التاج والإكليل» (٢/ ١٨٤)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٩٢)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٩١)، و «تحبير المُختصر» (١/ ٥٢٤).