عن صَلاةِ الجَماعةِ، لكنَّ الشافِعيَّةَ قَيَّدوه بالتَّخلُّفِ عن الجَماعةِ عن الصَّلواتِ اللَّيليَّةِ فقط.
قالَ شَيخُ الإسلامِ زَكريا الأنصاريُّ ﵀: لا يَتخَلَّفُ بسَببِ حقِّ الزِّفافِ عن الخُروجِ لِلجَماعاتِ ولِسائرِ أعمالِ البرِ، كعيادةِ المَرضى، وتَشييعِ الجَنائِزِ مدَّةَ الزِّفافِ، إلا لَيلًا؛ فيَتخلَّفُ وُجوبًا؛ تَقديمًا للواجبِ.
قالَ الأذرَعِيُّ: وهذه طَريقةٌ شَاذَّةٌ لِبعضِ العِراقيِّينَ، وقَضيةُ نُصوصِ الشافِعيِّ، وكَلامِ القاضي والبغَويِّ وغيرِهما أنَّ اللَّيلَ كالنَّهارِ في استِحبابِ الخُروجِ لذلك، وممَّن صرَّح به مِنْ المَراوِزةِ الجوينِيُّ في تَبصِرَتِه، والغَزالِيُّ في خُلاصَتِه، نَعم، العادةُ جارِيةٌ بزِيادةِ الإقامةِ في مدَّةِ الزِّفافِ على أيَّامِ القَسمِ؛ فيُراعَى ذلك.
وأمَّا لَيالي القَسمِ فتَجِبُ التَّسويةُ بينَهُنَّ في الخُروجِ لذلك وعدمِه، بأن يَخرُجَ في لَيلةِ الجَميعِ، أو لا يَخرُجَ أصلًا؛ فإن خصَّ لَيلةَ بعضِهِنَّ بالخُروجِ إلى ذلك أثِمَ (١).
أمَّا المالِكيَّةُ فلم يَعُدُّوا ذلك عُذرًا، فقالوا: ليس العُرسُ والابتِناءُ بالمرأةِ عُذرًا وسَببًا مِنْ أسبابِ التَّخَلُّفِ عن حُضورِ الجمُعةِ، ولا عن الصَّلواتِ الخَمسِ، فلا يَتخلَّفُ العَروسُ عن حُضورِ الجمُعةِ ولا عن الصَّلواتِ الخَمسِ في جَماعةٍ؛ إذ لا حَقَّ لِلزَّوجةِ في إقامةِ زَوجِها عندَها
(١) «أسنى المطالِب» (٣/ ٢٣٤)، و «البيان» (٩/ ٥٢١)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٣٦)، و (٤/ ٤٢١)، و «الإقناع» (٢/ ٤٣٢)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٧).