للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَجبُ على الوَليِّ القِصاصُ، أما لو قالَ الوَليُّ: «عَرَفتُ كَذبَهما» بعدَ القَتلِ فلا يَسقطُ القِصاصُ عنهُما.

والثاني عُرفِيٌّ: كتَقديمِ مَسمومٍ لمَن يَأكلُه، فلو ضَيَّفَ بمَسمومٍ يَقتلُ غالبًا أو ناوَلَه صَبيًّا غيرَ مُميِّزٍ أو مَجنونًا فأكَلَه فماتَ منه وجَبَ القِصاصُ؛ لأنه ألجأَه إلى ذلكَ، سَواءٌ أقالَ له: «هو مَسمومٌ» أم لا، وفي مَعناهُما الأعجَميُّ الذي يَعتقدُ وُجوبَ طاعةِ أمرِه؛ لأنه والحالةُ هذه بمَنزلةِ الصغيرِ والمَجنونِ، وأمَّا المُميِّزُ فكالبالِغِ، وكذا المَجنونُ الذي له تَمييزٌ، أو ضَيَّفَ به بالغًا عاقلًا ولم يَعلمِ الضَّيفُ حالَ الطعامِ فَديةٌ ولا قِصاصَ؛ لأنه تَناوَلَه باختِيارِه مِنْ غيرِ إلجاءٍ.

ولو ترَكَ المَجروحُ عِلاجَ جُرحٍ مُهلِكٍ له فماتَ مِنه وجَبَ القِصاصُ جَزمًا على الجارحِ؛ لأنَّ البُرءَ غيرُ مَوثوقٍ به لو عُولجَ، والجِراحةُ في نَفسِها مُهلكةٌ.

أمَّا ما لا يُهلكُ كانَ فصَدَه فلمْ يَعصبْ العِرقَ حتى ماتَ فإنه لا ضَمانَ؛ لأنه الذي قتَلَ نفسَه كما لو حبَسَه وعِندهُ ما يَأكلُ فلم يَفعلْ.

ولو أمسَكَه شَخصٌ فقتَلَه آخرُ، أو حفَرَ بئرًا ولو عُدوانًا فرَدَّاه فيها آخَرُ والتَّرديةُ تَقتلُ غالبًا، أو ألقاهُ مِنْ شاهِقٍ فتَلقَّاه آخَرُ فقَدَّه -أي: قطَعَه نِصفينِ- مثلًا قبلَ وُصولِه الأرضَ، فالقِصاصُ على القاتِلِ في الأُولى، كمُمسكِ المَرأةِ للزِّنا يُحَدُّ الزاني دُونَه، وكما لا قِصاصَ لا دِيةَ، بل يُعزَّرُ؛ لأنه آثمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>