للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى المُردِّي القِصاصُ في الثانِيةِ تَقديمًا للمُباشَرةِ؛ لأنَّ الحَفرَ شَرطٌ، ولا أثَرَ له مع المُباشرةِ.

وعلى القادِّ القِصاصُ في الثالِثةِ المُلتزِمِ للأحكامِ؛ لأنَّ فِعلَه قطَعَ أثَرَ السببِ، ولا شيءَ على المُلقِي وإنْ عرَفَ الحالَ أو كانَ القادُّ ممَّن لا يَضمنُ كحَربيٍّ.

والثالثُ حسِّيٌّ: كالإكراهِ على القتلِ.

فلو أكرَهَه على قَتلِ شَخصٍ بغَيرِ حقٍّ فقتَلَه فالقِصاصُ على المُكرِهِ -بكَسرِ الراءِ- وعلى المُكرَهِ أيضًا -بفَتحِها-، فأمَّا وُجوبُ القِصاصِ على المُكرِهِ- بكَسرِ الراءِ- فلِأنه أهلَكَه بما يُقصَدُ به الإهلاكُ غالبًا، فأشبَهَ ما لو رَماهُ بسَهمٍ فقتَلَه، وأمَّا وُجوبُه على المُكرَهِ- بفَتحِ الراءِ- فلِأنه قتَلَه عَمدًا عُدوانًا لاستِبقاءِ نَفسِه، فأشبَهَ ما لو قتَلَه المُضطرُّ ليَأكلَه؛ ولأنه آلةٌ للمُكرِهِ، فصارَ كما لو ضرَبَه به.

ولو أكرَهَ بالغٌ عاقلٌ مُراهِقًا أو عَكسُه على قَتلِ شَخصٍ فقتَلَه فعلى البالِغِ القِصاصُ؛ لوُجودِ مُقتضِيهِ وهو القَتلُ المَحضُ العُدوانُ.

ولو قالَ شَخصٌ لآخَرَ: «اقتُلنِي وإلا قَتلتُكَ» فقتَلَه ذلكَ الشَّخصُ فلا قِصاصَ عليهِ؛ لأنَّ الإذنَ شُبهةٌ دارِئةٌ للحَدِّ، ولا دِيةَ أيضًا (١).

وعامَّةُ هذهِ الصُّورِ قد مَرَّتْ معَنا في القِسمِ الأولِ وهو القَتلُ العَمدُ.


(١) «النجم الوهاج» (٨/ ٣٣٣، ٣٤١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٧، ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>