للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به السُّنةُ، ومنها قَولُ النبيِّ : «قَتيلُ الخَطأِ شِبهِ العَمدِ قَتيلُ السَّوطِ والعصَا مِائةٌ مِنْ الإبِلِ أربَعونَ منها خَلفةٌ في بُطونِها أولادُها» (١).

فأثبَتَ شِبهَ العَمدِ، ولأنَّ وصْفَه بذلكَ يُفيدُ أنه أخَذَ شَبهًا مِنْ العَمدِ وشَبهًا من الخَطأِ، فلَم يَكنْ له حُكمُ أحَدِهما على التَّجريدِ، وشَبهُه بالعَمدِ قَصدُ القاتلِ إلى الضَّربِ بما لا يَقتلُ مثلُه غالبًا، وشَبهُه بالخطأِ أنه لم يَقصدِ القتلَ، فوجَبَ أنْ يَثبتَ له حُكمٌ مُنفرَدٌ عن حُكمٍ يَخصُّهما.

وعن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ «أنَّ امرَأةً قتَلَتْ ضرَّتَها بعَمودِ فُسطاطٍ، فأُتِيَ فيه رَسولُ اللهِ ، فقَضَى على عاقِلتِها بالدِّيةِ، وكانَتْ حامِلًا فقَضَى في الجَنينِ بغُرةٍ، فقالَ بعضُ عَصَبتِها: أنَدِي مَنْ لا طَعِمَ ولا شَرِبَ ولا صاحَ فاستَهلَّ، ومِثلُ ذلكَ يُطلُّ؟ قالَ: فقالَ: سَجعٌ كسَجعِ الأعرابِ» (٢).

وعن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النبيَّ قالَ: «عَقلُ شِبهِ العَمدِ مُغلَّظٌ مِثلُ عَقلِ العَمدِ ولا يُقتلُ صاحِبُه» (٣).

وهذا قِسمٌ ثالثٌ ثبَتَ بالسُّنةِ، والعَمدُ والخَطأُ ثبَتَ بالكِتابِ، ولأنه قَتلٌ لا يُوجبُ القودَ، فكانَتْ دِيتُه على العاقِلةِ كقتلِ الخَطأِ (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٥٤٧)، والنسائي (٤٧٩٤، ٤٧٩٦)، وابن ماجه (٢٦٢٧)، والإمام أحمد (٢٣٥٤٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٨٢).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٤٥٦٥)، وأحمد (٦٧١٨).
(٤) «الهداية» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «العناية» (١٥/ ١٢٢، ١٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٦، ١٩٧)، و «التعريفات» (١٦٥)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٣٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١٠٧، ١٠٨)، و «البيان» (١١/ ٤٤٩، ٤٥٠)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٥) «المغني» (٨/ ٢١٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٠٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١٣، ١٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>