لأنَّ بمثلِ ذلكَ يُقصدُ التأديبُ، أما إنْ ضرَبَه بحَجرٍ عَظيمٍ أو بخَشبةٍ عَظيمةٍ فعَمدٌ عندَهم جَميعًا، وعندَ أبي حَنيفةَ شِبهُ عَمدٍ (١).
قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: وأما شِبهُ العَمدِ فثَلاثةُ أنواعٍ، بَعضُها مُتفَقٌ على كونِه شِبهَ عَمدٍ، وبَعضُها مُختلَفٌ فيه.
أما المُتفَقُ عليهِ فهو أنْ يَقصدَ القتلَ بعصًا صَغيرةٍ أو بحَجرٍ صَغيرٍ أو لَطمةٍ ونحوِ ذلكَ ممَّا لا يَكونُ الغالبُ فيه الهَلاكَ كالسوطِ ونحوِه إذا ضرَبَ ضَربةً أو ضَربتَينِ ولم يُوالِ في الضرَباتِ.
وأما المُختلَفُ فيه فهو أنْ يَضربَ بالسَّوطِ الصغيرِ ويُواليَ في الضرَباتِ إلى أنْ يَموتَ، وهذا شِبهُ عَمدٍ بلا خِلافٍ بينَ أصحابِنا ﵏ …
وإنْ قصَدَ قتْلَه بما يَغلبُ فيه الهَلاكُ ممَّا ليسَ بجارحٍ ولا طاعِنٍ كمِدقَّةِ القصَّارينَ والحَجرِ الكَبيرِ والعصَا الكَبيرِة ونحوِها فهو شِبهُ عَمدٍ عندَ أبي حَنيفةَ ﵁، وعِندَهما والشافِعيِّ: هو عَمدٌ، ولا يَكونُ فيما دونَ النَّفسِ شِبهُ عَمدٍ.
فما كانَ شِبهَ عَمدٍ في النَّفسِ فهو عَمدٌ فيما دُونَ النَّفسِ؛ لأنَّ ما دُونَ النفسِ لا يُقصدُ إتلافُه بآلةٍ دونَ آلةٍ عادةً، فاستَوتِ الآلاتُ كلُّها في الدَّلالةِ على القَصدِ، فكانَ الفعلُ عَمدًا مَحضًا، فيُنظرُ إنْ أمكَنَ
(١) «الهداية» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «العناية» (١٥/ ١٢٢، ١٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٦، ١٩٧)، و «التعريفات» (١٦٥)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٣٢).