للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالِثةَ فأشارَتْ برَأسِها أنْ نَعمْ، فقتَلَه النبيُّ بحَجَرَينِ» (١).

ولأنَّ كلَّ آلةٍ قتَلَ مثلُها جازَ استِيفاءُ القِصاصِ بمِثلِها كالسيفِ، ولأنَّ القِصاصَ مَوضوعٌ للمُماثَلةِ، وهي مُعتبَرةٌ في النَّفسِ، فكانَ أَولى أنْ تُعتبَرَ في آلةِ القَتلِ، ولأنَّ القتلَ مُستحَقٌّ للهِ تعالَى تارةً وللآدميِّينَ تارةً، فلمَّا تَنوَّعَ في حَقِّ اللهِ تعالَى نَوعينِ بالحَديدِ تارةً وبالمُثقَّلِ في رَجمِ الزاني المَحصَنِ، وجَبَ أنْ يَتنوَّعَ في حُقوقِ الآدميِّينَ نَوعينِ بمُثقَّلٍ وغيرِ مُثقَّلٍ.

وتَحريرُه قِياسًا: أنه أحَدُ القَتلينِ، فوجَبَ أنْ يَتنوعَ استِيفاء نَوعينِ كالقتلِ في حُقوقِ اللهِ تعالى.

فأما الجَوابُ عن قَولِه : «لا قوَدَ إلا بالسَّيفِ» إنْ صَحَّ فمَحمولٌ على القَتلِ إذا كانَ بسَيفٍ أو حَديدةٍ.

ونَصَّ المالِكيةُ والشافِعيةُ -والحَنابلةُ هُنا- على أنه يُقتلُ بكُلِّ ما قتَلَ به، إلا بثَلاثةِ أشياءَ: أنْ يَقتلَ بالسِّحرِ، أو باللِّواطِ، أو بسَقيِ الخَمرِ، فلا يُقتلُ بالسِّحرِ وإنْ قتَلَ، ولا يُقتلُ باللِّواطِ وإنْ لاطَ به، ولا يُقتلُ بسَقيِ الخَمرِ وإنْ سَقاهُ، ويُعدَلُ إلى قَتلِه بالسيفِ؛ لأنَّ ذلكَ مُحرَّمٌ لعَينِه، فسقَطَ وبَقيَ القَتلُ (٢).


(١) أخرجه البخاري (٦٤٨٥)، ومسلم (١٦٧٢).
(٢) «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٥٨)، و «الذخيرة» (١٢/ ٤٤٩، ٤٥٠)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ١٣٩، ١٤٠)، و «المهذب» (٢/ ١٨٦)، و «البيان» (١١/ ٤١٤، ٤١٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٢٩، ٤٣١)، و «المغني» (٨/ ٢٤٠)، و «الكافي» (٤/ ٤٢)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٩)، و «المبدع» (٨/ ٢٩٢)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٩٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٣٨، ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>