للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : قالَ كَثيرٌ مِنْ الفُقهاءِ: إذا قتَلَه بتَحريقٍ أو تَغريقٍ أو خَنقٍ أو نحوِ ذلكَ فإنه يُفعلُ به كما فعَلَ ما لم يَكنِ الفِعلُ مُحرَّمًا في نَفسِه كتَجريعِ الخَمرِ واللِّواطِ به، ومنهُم مَنْ قالَ: «لا قوَدَ عليهِ إلا بالسَّيفِ»، والأولُ أشبَهُ بالكِتابِ والسُّنةِ والعَدلِ (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : ومِن ذلكَ المُماثَلةُ في القِصاصِ في الجِناياتِ الثلاثِ: على النُّفوسِ والأموالِ والأعراضِ، فهذهِ ثلاثُ مَسائلَ:

الأُولى: هل يُفعلُ بالجاني كما يُفعلُ بالمَجنيِّ عليهِ؟ فإنْ كانَ الفِعلُ مُحرَّمًا لحَقِّ اللهِ كاللِّواطِ وتَجريعِه الخمرَ لم يُفعلْ به كما فعَلَ اتِّفاقاً.

وإنْ كانَ غيرَ ذلكَ كتَحريقِه بالنارِ وإلقائِه في الماءِ ورَضِّ رأسِه بالحَجرِ ومَنعِه مِنْ الطَّعامِ والشَّرابِ حتى يَموتَ فمالكٌ والشافِعيُّ وأحمَدُ في إحدَى الرِّواياتِ عَنهُ يَفعلونَ به كما فعَلَ، ولا فرْقَ بينَ الجُرحِ المُزهِقِ وغَيرِه.

وأبو حَنيفةَ وأحمَدُ في رِوايةٍ عنه يَقولانِ: لا يُقتلُ إلا بالسَّيفِ في العُنقِ خاصَّةً.

وأحمَدُ في رِوايةٍ ثالثةٍ يَقولُ: إنْ كانَ الجُرحُ مُزهِقًا فُعلَ به كما فعَلَ، وإلا قُتلَ بالسيفِ.

وفي رِوايةٍ رابعةٍ يقولُ: إنْ كانَ مُزهِقًا أو مُوجِبًا للقَودِ بنَفسِه لو انفرَدَ فُعلَ به كما فعَلَ، وإنْ كانَ غيرَ ذلكَ قُتلَ بالسيفِ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>