للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ اختَارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنه يُقتلُ كلُّ قاتلٍ بما قتَلَ به، فمَن قتَلَ غيرَه بالتَّحريقِ حُرِّقَ بالنارِ حتى يَموتَ، ومَن قتَلَ غيرَه بسُمٍّ قُتِلَ به، ومَن قتَلَ غيرَه بضَربٍ بحَجرٍ قُتلَ بما ما قتَلَ به.

واستَدلُّوا على ذلكَ بالكِتابِ والسُّنةِ.

أمَّا الكِتابُ: فقَولُه تعالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، وقولُه تعالَى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل: ١٢٦]، وقولُه تعالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠].

وأمَّا السُّنةُ: منها ما رَواهُ البَراءُ بنُ عازبٍ عن النبيِّ أنه قالَ: «مَنْ حرَّقَ حَرَّقناهُ، ومَن غرَّقَ غرَّقْناهُ» (١)، ولأنَّ القِصاصَ مُشعِرٌ بالمُماثَلةِ، فيَجبُ أنْ يُعملَ بمُقتضاهُ.

ورَوى أنسٌ «أنَّ يَهوديًّا قتَلَ جارِيةً على أوضاحٍ لها فقتَلَها بحَجرٍ، فجِيءَ بها إلى النبيِّ وبها رمَقٌ، فقالَ أقَتلَكِ فُلانٌ؟ فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ قالَ الثانِيةَ، فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ سَألَها


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البيهقي في «السنن» (١٥٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>