للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا ذبَحَ ولَدَه أو عَملَ به عَملًا لا يُشَكُّ في أنه عمَدَ إلى قَتلِه دونَ أدَبٍ فإنه يُقادُ به، وإنْ حذَفَه بسَيفٍ أو عَصًا لم يُقتلْ به، وكذلكَ الجَدُّ؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ : «المُسلمُونَ تَتكافأُ دِماؤُهم» (١)، ولأنَّ القِصاصَ حَقٌّ مِنْ حُقوقِ الآدميِّينَ؛ فجازَ أنْ يَثبتَ للابنِ على الأبِ، أصلُه سائرُ الحُقوقِ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ العرَبيِّ المالِكيُّ : هل يُقتلُ الأبُ بولَدِه مع عُمومِ آياتِ القِصاصِ؟

قالَ مالكٌ: يُقتلُ به إذا تَبيَّنَ قَصدُه إلى قَتلِه، بأنْ أضجَعَه وذبَحَه، فإنْ رَماهُ بالسِّلاحِ أدَبًا وحنَقًا لم يُقتلْ به، ويُقتلُ الأجنَبيُّ بمِثلِ هذا، وخالَفَه سائرُ الفُقهاءِ وقالوا: لا يُقتلُ به.

سَمعتُ شَيخَنا فخْرَ الإسلامِ أبا بَكرٍ الشاشيَّ يَقولُ: في النَّظرِ لا يُقتلُ الأبُ بابنِه؛ لأنَّ الأبَ كانَ سبَبَ وُجودِه، فكيفَ يكونُ هو سبَبَ عَدمِه؟


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٥١، ٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٥، ٤٧٤٦)، وابن ماجه (٢٦٦٠)، وأحمد (٦٩٧٠).
(٢) «التمهيد» (٢٣/ ٤٣٧)، و «الاستذكار» (٨/ ١٣٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٨٦)، رقم (١٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>