للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَدُّ وإنْ عَلا كالأبِ في هذا، وسَواءٌ كانَ مِنْ قِبلِ الأبِ أو مِنْ قِبلِ الأمِّ في قَولِ أكثَرِ مُسقطِي القِصاصِ عن الأبِ؛ لأنه والِدٌ، فيَدخلُ في عُمومِ النصِّ، ولأنَّ ذلكَ حُكمٌ يَتعلقُ بالوِلادةِ، فاستَوى فيه القَريبُ والبَعيدُ كالمَحرميَّةِ والعتقِ إذا ملَكَه، والجَدُّ مِنْ قِبلِ الأبِ كالجَدِّ مِنْ قِبلِ الأمِّ؛ لأنَّ ابنَ البِنتِ يُسمَّى ابنًا، قالَ النبيُّ في الحَسنِ: «إنَّ ابنِي هذا سَيدٌ».

والأمُّ في ذلكَ كالأبِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيةِ والشافِعيةِ والصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ عندَ الحَنابلةِ؛ لأنَّ اسمَ الوالِدِ والوَلدِ يَتناولُ كلَّ والِدٍ وإنْ عَلا وكلَّ وَلدٍ وإنْ سَفلَ.

ورُويَ عن أحمَدَ ما يَدلُّ على أنه لا يَسقطُ عن الأمِّ؛ لأنه لا وِلايةَ لها عليهِ، فتُقتلُ به كالأخِ.

والصَّحيحُ الأولُ؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يُقتلُ والِدٌ بوَلدِه»، ولأنها أحَدُ الوالِدَينِ، فأشبَهَتِ الأبَ، ولأنها أَولى بالبِرِّ فكانَتْ أَولى بنَفي القِصاصِ عنها، والوِلايةُ غيرُ مُعتبرةٍ؛ بدَليلِ انتفاءِ القِصاصِ عن الأبِ بقَتلِ الكَبيرِ الذي لا وِلايةَ عليهِ، وعنِ الجَدِّ ولا ولايةَ له، وعن الأبِ المُخالِفِ في الدِّينِ أو الرقيقِ.

والجَدةُ وإنْ عَلَتْ في ذلكَ كالأمِّ، وسَواءٌ في ذلكَ مِنْ قِبلِ الأبِ أو مِنْ قِبلِ الأمِّ؛ لِما ذكَرْنا في الجَدِّ (١).


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ١٧٨، ١٧٩)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٥)، و «الهداية» (٤/ ١٦١)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٠٧)، و «البيان» (١١/ ٣١٨، ٣٢٠)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٣٦)، و «المغني» (٨/ ٢٢٧)، و «الكافي» (٤/ ٧)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٣)، و «المبدع» (٨/ ٢٧٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٢٢)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٣٧، ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>