للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتَدَى بالقَتلِ فيُقتلُ، والمُمسكُ اعتَدَى بالحَبسِ إلى المَوتِ فيُحبسُ إلى أنْ يَموتَ.

ولِما رَوى الدارقُطنيُّ بإسنادِه عن ابنِ عُمرَ أنَّ النبيَّ قالَ: «إذا أمسَكَ الرَّجلُ الرَّجلَ وقتَلَه الآخَرُ يُقتلُ الذي قتَلَ، ويُحبَسُ الذي أمسَكَ» (١).

وعن عليٍّ : «أنه أُتِيَ برَجلينِ قتَلَ أحَدُهما وأمسَكَ الآخَرُ، فقتَلَ الذي قتَلَه، وقالَ للذي أمسَكَ: أمسكَتَه للمَوتِ، فأنا أحبِسُكَ في السِّجنِ حتَّى تَموتَ»، ولا يُعرَفُ له مُخالِفٌ في الصحابةِ.

ولأنه حبَسَه إلى المَوتِ فيُحبسُ الآخَرُ إلى المَوتِ، كما لو حبَسَه عن الطَّعامِ والشَّرابِ حتى ماتَ فإننا نَفعلُ به ذلكَ حتى يَموتَ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلة في رِوايةٍ إلى أنه يُقتلُ المُمسِكُ أيضًا؛ لأنه لو لم يُمسِكْه ما قدَرَ على قَتلِه، وبإمساكِه تَمكَّنَ مِنْ قتلِه، فالقتلُ حاصِلٌ بفِعلِهما، فيَكونانِ شَريكينِ فيه، فيَجبُ عليهِما القصاصُ كما لو جَرَحاهُ، ولقَولِه تعالَى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾، ولأنه أمسَكَه على مَنْ يَعلمُه قاتِلًا له ظُلمًا بغَيرِ حَقٍّ، فوجَبَ أنْ يَلزمَه القودُ، أصلُه إذا أمسَكَه على نارٍ حتَّى احتَرقَ.


(١) رواه الدارقطني في «سننه» (٣٢٧٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٨٠٨).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٨٦، ٢٨٧)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٠، ٣١)، و «المبدع» (٨/ ٢٥٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢٢، ٢٣)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>