للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطَعَ كلُّ واحدٍ منهُم بعضَ العُضوِ، فمُحالٌ أنْ يُقطعَ منه عُضوٌ كاملٌ ولم يَقطعْه كامِلًا (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما قَتلُ الجَماعةِ بالواحدِ فإنَّ جُمهورَ فُقهاءِ الأمصارِ قالُوا: تُقتلُ الجَماعةُ بالواحدِ، منهم مالكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ والثوريُّ وأحمَدُ وأبو ثَورٍ وغيرُهم، سَواءٌ كَثُرتِ الجَماعةُ أو قلَّتْ، وبه قالَ عُمرُ، حتى رُويَ أنه قالَ: «لو تَمالأَ عليهِ أهلُ صَنعاءَ لَقَتلتُهم جَميعًا».

وقالَ داودُ وأهلُ الظاهرِ: لا تُقتلُ الجَماعةُ بالواحدِ، وهو قَولُ ابنِ الزُّبيرِ، وبه قالَ الزهريُّ، ورُويَ عن جابرٍ.

وكذلكَ عندَ هذهِ الطائفةِ لا تُقطعُ أَيدٍ بيَدٍ، أعنِي إذا اشتَركَ اثنانِ فما فوقَ ذلكَ في قَطعِ يَدٍ.

وقالَ مالكٌ والشافِعيُّ: تُقطعُ الأيدِي باليَدِ.

وفرَّقَتِ الحَنفيةُ بينَ النَّفسِ والأطرافِ، فقالوا: تُقتلُ الأنفُسُ بالنَّفسِ ولا يُقطعُ بالطَّرفِ إلا طَرفٌ واحِدٌ، وسَيأتي هذا في بابِ القِصاصِ مِنْ الأعضاءِ.

فعُمدةُ مَنْ قتَلَ بالواحِدِ الجَماعةَ النظرُ إلى المَصلحةِ؛ فإنه مَفهومٌ أنَّ القتلَ إنما شُرعَ لنَفيِ القتلِ كما نبَّهَ عليهِ الكِتابُ في قَولِه تعالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٧٩]، وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ فلو لم


(١) «الاستذكار» (٨/ ١٥٧، ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>