للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ داودُ: لا تُقتلُ الجَماعةُ بالواحِدِ، ولا يُقتلُ بنَفسٍ واحدةٍ أكثَرُ مِنْ واحدٍ، وهو قَولُ ابنِ الزُّبيرِ.

ذكَرَ عبدُ الرزَّاقِ عن ابنِ جُريجٍ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ قالَ: كانَ ابنُ الزُّبيرِ وعبدُ المَلكِ لا يَقتُلانِ منهم إلا واحِدًا، وما عَلِمتُ أحَدًا يَقتلُهم جَميعًا إلا ما قالُوا في عُمرَ، ورُويَ ذلكَ عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ.

ذكَرَ أبو بكرٍ قالَ: حَدَّثني عُبيدُ اللهِ بنُ موسَى عن حَسنِ بنِ صالحٍ عن سِمَاكَ عن دُهلِ بنِ كَعبٍ أنَّ مُعاذًا قالَ لعُمرَ: «ليسَ لكَ أنْ تَقتلَ نَفسَينِ بنَفسٍ واحِدةٍ»، وبه قالَ مُحمدُ بنُ سِيرينَ وابنُ شهابٍ والزهريُّ وحَبيبُ بنُ أبي ثابتٍ.

قالَ مَعمرٌ عن الزُّهريِّ: «لا يُقتلُ الرَّجلانِ بالرَّجلِ، ولا تُقطعُ يَدانِ بيَدٍ».

قالَ أبو عُمرَ: اضطَردَ قولُ الزهريُّ وداودَ في أنه لا تُقطعُ يَدانِ بيَدٍ، ولا يُقتلُ رَجلانٍ برَجلٍ.

وكذلكَ اضطَردَ قولُ مالكٍ والشافِعيِّ وأحمَدَ وإسحاقَ وأبي ثورٍ في أنه تُقطعُ باليَدِ الواحدةِ يَدانِ وأكثَرُ إذا اشتَركُوا في قَطعِ اليدِ الواحِدةِ، كما تُقتلُ الجَماعةُ بالواحِدِ إذا قَتَلوه معًا.

وتَناقضَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه فقالُوا: لا تُقطعُ يَدانِ بيَدٍ، وكذلكَ سائرُ الأعضاءِ، وهو قَولُ الثوريِّ، وهُم يَقولونَ: إنَّ الجَماعةَ تُقتلُ بالواحِدِ، ومِن حُجَّتِهم أنَّ النفسَ لا تَتجزَّأُ واليَدَ وسائِرَ الأعضاءِ تَتجزأُ، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>