وهذا قَولُ ابنِ الزُّبيرِ والزُّهريِّ وابنِ سِيرينَ وحَبيبِ بنِ أبي ثابتٍ وعبدِ اللهِ ورَبيعةَ وداودَ وابنِ المُنذرِ، وحكاهُ ابن أبي مُوسَى عن ابنِ عبَّاسٍ.
ورُويَ عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ وابنِ الزُّبيرِ وابنِ سِيرينَ والزُّهريِّ أنه يُقتلُ منهُم واحدٌ ويُؤخذُ مِنْ الباقينَ حِصَصُهم مِنْ الديَةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهُم مُكافئٌ له، فلا تُستوفَى أبدالٌ بمُبدَلٍ واحدٍ، كما لا تَجبُ ديَاتٌ لمَقتولٍ واحِدٍ، ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: ١٧٨]، وقالَ: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، فمُقتضاهُ أنه لا يُؤخَذُ بالنفسِ أكثَرُ مِنْ نَفسٍ واحِدةٍ، ولأنَّ التَّفاوتَ في الأوصافِ يمنَعُ؛ بدَليلِ أنَّ الحُرَّ لا يُؤخَذُ بالعبدِ، والتفاوتُ في العَددِ أَولى.
قالَ ابنُ المُنذرِ ﵀: لا حُجةَ مع مَنْ أوجَبَ قتْلَ جَماعةٍ بواحِدٍ (١).
قالَ الإمامُ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: اختَلفَ الفُقهاءُ في قتلِ الجَماعةِ بالواحِدِ، فقالَ جَماعةُ فُقهاءِ الأمصارِ منهُم الثَّوريُّ والأوزاعيُّ والليثُ ومالكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وأصحابُهم وأحمَدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ: تُقتلُ الجَماعةُ بالواحِدِ إذا قَتَلوهُ، كَثُرتِ الجَماعةُ أو قلَّتْ إذا اشتَركَتْ في قَتلِ الواحدِ.