وقالَ الحَسنُ وقَتادةُ والزُّهريُّ وابنُ شُبرمةَ والليثُ والأوزاعيُّ: ليسَ للنِّساءِ عَفوٌ، والمَشهورُ عن مالِكٍ أنه مَوروثٌ للعصَباتِ خاصَّةً، وهو وَجهٌ لأصحابِ الشافِعيِّ؛ لأنه ثبَتَ لدَفعِ العارِ، فاختَصَّ به العَصباتُ كوِلايةِ النكاحِ، ولهُم وَجهٌ ثالِثٌ: أنه لذوِي الأنسابِ دونَ الزَّوجينِ؛ لقَولِ النبيِّ ﷺ:«مَنْ قُتلَ له قَتيلٌ فأهلُه بينَ خِيرتينِ: بينَ أنْ يَقتلُوا أو يَأخُذوا العَقلَ»، وأهلُه ذَوُو رَحِمِه.
وذهَبَ بعضُ أهلِ المَدينةِ إلى أنَّ القِصاصَ لا يَسقطُ بعَفوِ بعضِ الشُّركاءِ، وقيلَ: هو رِوايةٌ عن مالِكٍ؛ لأنَّ حَقَّ غيرِ العافي لا يَرضَى بإسقاطِه، وقد تُؤخذُ النفسُ ببَعضِ النفسِ؛ بدَليلِ قتلِ الجَماعةِ بالواحدِ.
ولنا: عُمومُ قولِه ﵇: «فأهلُه بينَ خِيرتَينِ»، وهذا عامٌّ في جَميعِ أهلِه، والمَرأةُ مِنْ أهلِه؛ بدَليلِ قولِ النبيِّ ﷺ:«مَنْ يعذُرنِي مِنْ رَجلٍ يَبلغنِي أذاهُ في أهلِي، وما عَلِمتُ على أهلِي إلا خَيرًا، ولقد ذَكَروا رَجلًا ما عَلِمتُ عليهِ إلا خَيرًا، وما كانَ يَدخلُ على أهلِي إلا معِي»، يُريدُ عائِشةَ، وقالَ له أسامةُ:«يا رَسولَ اللهِ أهلُكَ، ولا نَعلمُ إلا خَيرًا».