للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ كانَ فيهِم صِغارٌ أو غُيَّبٌ أو مَجنونٌ فقالُوا كلُّهم: أنَّ الغائِبَ يُؤخَّرُ القِصاصُ لأجْلِه حتى يَقدُمَ، ثم اختَلفُوا في الصَّغيرِ والمَجنونِ:

فقالَ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ: لا يُؤخرُ القِصاصُ لأجْلِهم.

وقالَ الشافِعيُّ: يُؤخرُ القِصاصُ حتى يفيقَ المَجنونُ ويَكبَرَ الصَّغيرُ.

وعن أحمَدَ رِوايتانِ: أظهَرُهما: أنه يُؤخَّرُ، والأخرَى: كمَذهبِ أبي حَنيفةَ ومالكٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : إذا كانَ للمَقتولِ أولياءُ يَستحقونَ القِصاصَ فمِن شَرطِ وُجوبِه اجتِماعُهم على طَلبِه، ولو عَفَى واحدٌ منهُم سقَطَ كلُّه، وإنْ كانَ بَعضُهم غائِبًا أو غيرَ مُكلَّفٍ لم يَكنْ لشُركائِه القصاصُ حتى يَقدمَ الغائبُ ويَختارَ القِصاصَ أو يُوكِّلَ، ويَبلغَ الصبيُّ ويفيقَ المَجنونُ ويَختاراهُ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : القِصاصُ حقٌّ لجَميعِ الوَرثةِ مِنْ ذَوِي الأنسابِ والأسبابِ والرِّجالِ والنساءِ والصِّغارِ والكِبارِ، فمَن عَفَا منهُم صَحَّ عَفوُه وسقَطَ القِصاصُ ولم يَبْقَ لأحدٍ إليه سَبيلٌ، وهذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، منهُم عَطاءٌ والنَّخعيُّ والحَكمُ وحمَّادٌ والثوريُّ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ، ورُويَ معنَى ذلكَ عن عُمرَ وطاوسٍ والشعبيِّ.


(١) «الإفصاح» (٢/ ٢٢٤، ٢٢٦).
(٢) «المغني» (٨/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>