للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : أجمَعُوا على أنَّ المَقتولَ عَمدًا إذا كانَ له بَنونَ بالِغونَ فعَفَا أحَدُهم أنَّ القِصاصَ قد بطَلَ ووجَبَتِ الديةُ.

واختَلفُوا في اختِلافِ البَناتِ مع البَنينَ في العَفوِ أو القِصاصِ، وكذلكَ الزَّوجةُ أو الزَّوجُ والأخواتُ؛ فقالَ مالِكٌ: ليسَ للبَناتِ ولا الأخواتِ قَولٌ مع البَنينَ والإخوَةِ في القِصاصِ أو ضَدِّه، ولا يُعتبَرُ قَولُهنَّ مع الرِّجالِ، وكذلكَ الأمرُ في الزَّوجةِ والزوجِ … وقَالَ أَبُو حنِيفة، وَالثَّوريُّ، وأَحمدُ وَالشَّافعيُّ كُلُّ وارِثٍ يُعتبَرُ قَولُهُ في إِسْقَاطِ القِصَاصِ وفِي إِسقَاطِ حَظِّهِ مِنَ الدِّيةِ، وفِي الأَخذِ بِهِ قَالَ الشَّافعِيُّ: الغَائِبُ مِنهُم وَالحَاضِرُ وَالصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ سَوَاءٌ.

وَعُمدَةُ هَؤُلَاءِ اعتِبَارُهُمُ الدَّمَ بِالدِّيَةِ. وَعُمدَةُ الْفَرِيقِ الأَوَّلِ أَنَّ الوِلَايَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلذُّكْرَانِ دُونَ الْإِنَاثِ (١).

وقالَ: إذا كانَ للمَقتولِ أولياءُ صِغارٌ وكِبارٌ أنْ يُؤخَّرَ القَتلُ إلى أنْ يَكبَرَ الصِّغارُ فيَكونُ لهم الخِيارُ، ولا سِيَّما إذا كانَ الصغارُ يَحجُبونَ الكِبارَ مثلَ البَنينَ مع الإخوةِ.

قالَ القاضي: وقد كانَتْ وقَعَتْ هذه المَسألةُ بقُرطبةَ حياةَ جَدِّي ، فأفتَى أهلُ زَمانِه بالرِّوايةِ المَشهورةِ وهو أنْ لا يُنتظرَ الصَّغيرِ، فأفتَى هوَ بانتِظارِه على القِياسِ، فشنَّعَ أهلُ زَمانِه ذلكَ عليهِ لِمَا


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>