وبهذا التَّفريقِ يَزولُ الإشكالُ فيما نُقلَ عن الصَّحابةِ ﵃ في ذلكَ، حتى جعَلَها بعضُ العُلماءِ مَسألةَ نِزاعٍ بينَ الصَّحابةِ وقالَ:«مَذهبُ عُمرَ ﵁ أنه لا يُقتلُ به، ومَذهبُ عَليٍّ أنه يُقتلُ بهِ»، والذي غَرَّه ما رَواهُ سَعيدُ ابنُ مَنصورٍ في سُننِه «أنَّ عُمرَ بنَ الخَطابِ ﵁ بينَا هو يَومًا يَتغدَّى إذ جاءَه رَجلٌ يَعدُو وفي يَدِه سَيفٌ مُلطخٌ بدَمٍ ووَراءَه قَومٌ يَعدُونَ، فجاءَ حتَّى جلَسَ مع عُمرَ، فجاءَ الآخَرونَ فقالُوا: يا أميرَ المُؤمنينَ إنَّ هذا قتَلَ صاحِبَنا، فقالَ له عُمرُ ﵁: ما تَقولُ؟ فقالَ له: يا أميرَ المُؤمنينَ إني ضَرَبتُ بينَ فَخِذَي امرَأتِي، فإنْ كانَ بينَهُما أحَدٌ فقدْ قَتلتُه، فقالَ عُمرُ: ما تَقولونَ؟ فقالُوا: يا أميرَ المُؤمنينَ إنه ضرَبَ السيفَ فوقَعَ في وَسطِ الرَّجلِ وفَخِذَي المَرأةِ، فأخَذَ عُمرُ ﵁ سَيفَه فهَزَّه ثم دفَعَه إليهِ وقالَ: إنْ عادُوا فعُدْ»، فهذا ما نُقلَ عن عُمرَ ﵁.
وأمَّا عليٌّ فسُئلَ عمَّن وجَدَ مع امرَأتِه رَجلًا فقتَلَه فقالَ:«إنْ لم يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ فلْيُعطَ برُمَّتِه»، فظَنَّ أنَّ هذا خِلافُ المَنقولِ عن عُمرَ، فجعَلَها مَسألةَ خِلافٍ بينَ الصَّحابةِ، وأنتَ إذا تأمَّلتَ حُكمَيهِما لم تَجدْ بينَهُما اختِلافًا؛ فإنَّ عُمرَ إنما أسقَطَ عنه القوَدَ لمَّا اعتَرفَ الوليُّ بأنه كانَ مع امرَأتِه، وقد قالَ أصحابُنا واللَّفظُ لصاحِبِ «المُغنِي»: «فإنِ اعتَرفَ الوليُّ بذلكَ فلا قِصاصَ ولا دِيةَ؛ لِما رُويَ عن عُمرَ» ثم ساقَ القِصةَ، وكَلامُه يُعطِي أنه لا فرْقَ بينَ أنْ يَكونَ مُحصنًا وغيرَ مُحصنٍ، وكذلكَ حكَمَ عُمرُ في هذا القَتيلِ، وقَولُه أيضًا:«فإنْ عادُوا فعُدْ» ولم يُفرِّقْ بينَ المُحصَنِ وغيرِه، وهذا هو