الصَّوابُ، وإنْ كانَ صاحِبُ «المُستَوعب» قد قالَ: وإنْ وجَدَ مع امرَأتِه رَجلًا يَنالُ منها ما يُوجِبُ الرَّجمَ فقتَلَه وادَّعَى أنه قتَلَه لأجْلِ ذلكَ فعَليهِ القِصاصُ في ظاهرِ الحُكمِ، إلا أنْ يَأتِيَ ببيِّنةٍ بدَعواهُ فلا يَلزمُه القِصاصُ، قالَ: وفي عَددِ البيِّنةِ رِوايتانِ: إحداهُما: شاهِدانِ، اختارَها أبو بَكرٍ؛ لأنَّ البيِّنةَ على الوُجودِ لا على الزِّنى، والأخرى: لا يُقبَلُ أقلُّ مِنْ أربعةٍ، والصَّحيحُ أنَّ البيِّنةَ متَى قامَتْ بذلكَ أو أقَرَّ به الوليُّ سقَطَ القِصاصُ، مُحصنًا كانَ أو غيرَه، وعليهِ يَدلُّ كَلامُ عليٍّ؛ فإنه قالَ «فيمَن وجَدَ مع امرَأتِه رَجلًا فقتَلَه: إنْ لم يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ فلْيُعطَ برُمتِه»؛ وهذا لأنَّ هذا القتلَ ليسَ بحَدِّ الزِّنى، ولو كانَ حدًّا لَمَا كانَ بالسَّيفِ ولَاعتُبِرَ له شُروطُ إقامةِ الحدِّ وكَيفيتُه، وإنما هو عُقوبةٌ لمَن تَعدَّى عليهِ وهتَكَ حَريمَه وأفسَدَ أهلَه، وكذلكَ فعَلَ الزبيرُ ﵁«لمَّا تَخلَّفَ عن الجَيشِ ومعَه جاريةٌ له، فأتاهُ رَجلانِ فقالَا: أعطِنا شَيئًا، فأعطاهُما طَعامًا كانَ معه، فقالَا: خَلِّ عن الجارِيةِ، فضَربَهُما بسَيفِه فقطَعَهما بضَربةٍ واحدةٍ» …
وعلى هذا فيَجوزُ له فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى قَتلُ مَنْ اعتَدى على حَريمِه، سَواءٌ كانَ مُحصنًا أو غيرَ مُحصنٍ، مَعروفًا بذلكَ أو غيرَ مَعروفٍ، كما دَلَّ عليهِ كَلامُ الأصحابِ وفَتاوَى الصَّحابةِ، وقد قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ: يَسعُه قَتلُه فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى إذا كانَ الزاني مُحصنًا، جَعَلاهُ مِنْ بابِ الحُدودِ.
وقالَ أحمَدُ وإسحاقُ: يُهدَرُ دَمُه إذا جاءَ بشاهدَينِ، ولم يُفصِلَا بينَ المُحصنِ وغيرِه.