للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يَقومُ به، فإنَّ ضرَرَه أشَدُّ مِنْ ضَررِ المَجذومِ الذي أمَرَ عُمرُ بمَنعِه مِنْ مُخالَطةِ الناسِ كمَا تقدَّمَ واضِحًا في بابِه، وأشَدُّ مِنْ ضَررِ الثومُ الذي منَعَ الشارعُ آكِلَه مِنْ حُضورِ الجَماعةِ، قالَ النَّوويُّ: وهذا القَولِ صَحيحٌ مُتعيِّنٌ لا يُعرَفُ عن غيرِه تَصريحٌ بخِلافِه (١).

وقالَ الإمامُ البُهوتيُّ : والمِعيانُ الذي يَقتلُ بعَينِه، قالَ ابنُ نَصرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: يَنبغِي أنْ يُلحَقَ بالساحرِ الذي يَقتلُ بسِحرِه غالبًا، فإذا كانَتْ عَينُه يَستطيعُ القتلَ بها ويَفعلُه باختيارِه وجَبَ به القِصاصُ؛ لأنه فعَلَ به ما يَقتلُ غالبًا.

وإنْ فعَلَ ذلكَ بغيرِ قَصدِ الجِنايةِ فيَتوجَّهُ أنه خَطأٌ يَجبُ فيه ما يَجبُ في القتلِ الخَطأِ، وكذا ما أتلَفَه بعَينِه يَتوجَّهُ فيه القَولُ بضَمانِه، إلا أنْ يقَعَ بغيرِ قَصدٍ فيَتوجَّهُ عَدمُ الضَّمانِ. انتَهى

وقالَ ابنُ القيِّمِ في «شَرح مَنازلِ السائرِينَ»: إنْ كانَ ذلكَ بغيرِ اختيارِه بل غلبَ على نَفسِه لم يُقتصَّ منه وعليهِ الدِّيةُ، وإنْ عَمدَ ذلكَ وقدَرَ على رَدِّه وعَلِمَ أنه يَقتلُ به ساغَ للوالِي أنْ يَقتلَه بمِثلِ ما قتَلَ به، فيُعِينُه إنْ شاءَ كما أعانَ هو المَقتولَ، وأما قَتلُه قِصاصًا بالسيفِ فلا؛ لأنه غَيرُ مُماثلٍ للجِنايةِ، قالَ: وسألتُ شَيخَنا عن القتلِ بالحالِ هل يُوجِبُ القصاصَ؟ فقالَ: للوليِّ أنْ يَقتلَه بالحالِ التي قتَلَ به.


(١) «فتح الباري» (١٠/ ٢٠٥)، و «شرح الزرقاني» (٤/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>