للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : لو أتلَفَ العائنُ شَيئًا ضَمِنَه، ولو قتَلَ فعَليهِ القصاصُ أو الدِّيةُ إذا تكرَّرَ ذلكَ منه بحَيثُ يكونُ عادةً، وهو في ذلكَ كالساحرِ عندَ مَنْ لا يَقتلُه كُفرًا. انتَهى (١).

وقالَ الحافظُ ابن حجر : الإصابةُ بالعَينِ قد تَقتلُ، وقد اختُلفَ في جَرَيانِ القِصاصِ بذلكَ، فقالَ القُرطبيُّ: لو أتلَفَ العائنُ شَيئًا ضَمِنَه، ولو قتَلَ فعَليهِ القصاصُ أو الدِّيةُ إذا تكرَّرَ ذلكَ منه بحَيثُ يَصيرُ عادةً، وهو في ذلكَ كالساحِرِ عندَ مَنْ لا يَقتلُه كُفرًا. انتهى

ولم يَتعرَّضِ الشافِعيةُ للقصاصِ في ذلكَ، بل مَنَعوهُ وقالَوا: إنه لا يَقتلُ غالبًا ولا يُعَدُّ مُهلِكًا، وقالَ النَّوويُّ في «الرَّوضَة»: ولا ديَةَ فيه ولا كفَّارةَ؛ لأنَّ الحُكمَ إنما يَترتبُ على مُنضبطٍ عامٍّ دونَ ما يَختصُّ ببَعضِ الناسِ في بَعضِ الأحوالِ ممَّا لا انضِباطَ له، كَيفَ ولم يَقعْ منه فِعلٌ أصلًا؟ وإنما غايَتُه حَسدٌ وتَمنٍّ لزَوالِ نِعمةٍ، وأيضًا فالذي يَنشأُ عن الإصابةِ بالعَينِ حُصولُ مَكروهٍ لذلكَ الشَّخصِ، ولا يتعيَّنُ ذلكَ المَكروهُ في زَوالِ الحَياةِ، فقدْ يَحصلُ له مَكروهٌ بغَيرِ ذلكَ مِنْ أثَرِ العَينِ. اه

ولا يُعكِّرُ على ذلكَ إلا الحُكمُ بقَتلِ الساحرِ؛ فإنه في مَعناهُ، والفَرقُ بينَهُما فيه عُسرٌ، ونقَلَ ابنُ بطَّالٍ عن بَعضِ أهلِ العِلمِ: فإنه يَنبغي للإمامِ مَنعُ العائنِ إذا عُرِفَ بذلكَ مِنْ مُداخَلةِ الناسِ وأنْ يَلزمَ بَيتَه، فإنْ كانَ فَقيرًا رزَقَه


(١) نقلًا من «فتح الباري» (١٠/ ٢١٥)، وانظُرْ: «الزرقاني على الموطأ» (٤/ ١٥٠)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>