للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرَّقَ ابنُ القيِّمِ في المَشهدِ الثاني مِنْ المَشاهدِ بينَ العائنِ والساحِرِ مِنْ وَجهينِ.

والعَينُ: نَظرٌ باستِحسانٍ مَشوبٌ بحَسدٍ مِنْ خَبيثِ الطَّبعِ يَحصلُ للمَنظورِ منه ضَررٌ، قالَ بعضُهم: وإنما يَحصلُ ذلكَ مِنْ سُمٍّ يَصلُ مِنْ عينِ العائِنِ مِنْ الهَواءِ إلى بَدنِ المَعيونِ، ونَظيرُ ذلكَ أنَّ الحائضَ تَضعُ يَدَها في إناءِ اللَّبنِ يُفسِدُه، ولو وَضعَتْه بعدَ طُهرِها لم يَفسدْ، وأنَّ الصَّحيحَ يَنظرُ في عَينِ الأرمَدِ فيَرمَدُ، ويَتثاءَبُ واحدٌ بحَضرتِه فيَتثاءبُ، قالَه الحافِظُ في «فَتح البارِي» (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ وكذا الحَنفيةُ إلى أنَّ مَنْ أصابَ غيرَه بالعَينِ واعتَرفَ بأنه قتَلَه بالعَينِ فلا قِصاصَ وإنْ كانَتِ العَينُ حقًّا؛ لأنه لا يُفضِي إلى القتلِ غالبًا ولا يُعَدُّ مُهلِكًا.

ولا دِيةَ فيه أيضًا ولا كفَّارةَ، ويُستحبُّ للعائِنِ أنْ يَدعوَ للمَعِينِ بالبَركةِ فيَقولَ: «اللهُمَّ بارِكْ فيه ولا تَضرَّهُ، وأنْ يَقولَ: ما شاءُ اللهُ لا قوَّةَ إلا باللهِ»، وفي «صَحيح مُسلمٍ»: أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «العَينُ حَقٌّ، وإذا استُغسِلْتُم فاغسِلُوا» (٢).

قالَ العُلماءُ: الاستِغسالُ أنْ يُقالَ للعائنُ: «اغسِلْ داخِلةَ إزارِكَ ممَّا يَلي الجِلدَ بماءٍ»، ثم يَصبُّ على المَعينِ.


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٦٠٠)، و «مدارج السالكين» (١/ ٤٠٢)، و «فتح الباري» (١٠/ ٢١٠، ٢١٥).
(٢) أخرجه مسلم (٢١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>