للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهب الحَنابلَةُ إلى أنَّ مَنْ صلَّى وَحدَه رَكعةً كامِلةً خلفَ الصَّفِّ لم تَصحَّ صَلاتُه؛ لمَا رَوى وابِصةُ بنُ مَعبَدٍ: «أَنَّ رَسولَ اللهِ رَأى رَجلًا يُصلِّي خلفَ الصَّفِّ وَحدَهُ، فَأَمرَهُ أَنْ يُعِيدَ» (١).

وعن علِيِّ بنِ شَيبانَ: «خرَجنَا حتى قَدِمنَا على النَّبيِّ فَبايَعنَاهُ، وَصلَّينَا خلفَه، ثم صلَّينَا وَراءَهُ صَلاةً أُخرَى، فَقَضى الصَّلاةَ، فَرَأى رَجلًا فَردًا يُصلِّي خلفَ الصَّفِّ، قالَ: فَوقفَ عليه نَبِيُّ اللهِ حينَ انصَرفَ قالَ: استَقبِل صَلاتَكَ، لَا صَلاةَ لِلَّذِي خلفَ الصَّفِّ» (٢).

ولأَنَّه خالَفَ المَوقِفَ فلم تَصحَّ صَلاتُه، كما لو وقفَ أمامَ الإمامِ، فأمَّا حَديثُ أبي بَكرةَ، فإنَّ النَّبيَّ قد نَهاه فقالَ: «لَا تَعُد»، والنَّهيُ يَقتَضي الفَسادَ، وعُذرُه فيما فعلَ جَهلُه بتَحريمِه، ولِلجَهلِ تأثيرٌ في العَفوِ (٣).

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ : عمَّن صلَّى خلفَ الصَّفِّ مُنفرِدًا، هل تَصحُّ صَلاتُه أو لا؟ والأحاديثُ الوارِدةُ في ذلك هل هي صَحيحةٌ أو لا؟


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٦٨٢)، والتِّرمذي (٢٣٠)، وابن ماجه (١٠٠٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (١٠٠٣)، وابن خُزَيمة في «صحيحه» (٣/ ٣٠)، وابن حِبَّانَ في «صحيحه» (٥/ ٥٧٩).
(٣) «المغني» (٢/ ٤٢٥)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٠)، و «المبدع» (٢/ ٨٧)، و «نَيل الأوطار» (٢/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>