للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَفصيلُ مَذهبِ الحَنفيةِ حَكاهُ ابنُ نُجيمٍ حَيثُ قالَ: وإذا سَقَى رَجلًا سُمًّا فماتَ مِنْ ذلكَ فهو على ثَلاثةِ أوجُهٍ: إما أنْ يَكونَ أَوجرَه على كُرهٍ، أو أكرَهَه على شُربهِ حتَّى شَربَ، أو ناوَلَه وشَربَه مِنْ غيرِ أنْ يُكرهَه عليهِ.

فإنْ أوجَرَه إيجارًا أو ناوَلَه وأكرَهَه على شُربِه حتى شَربَ فلا قِصاصَ، وعلى عاقِلتِه الدِّيةُ.

وفي «الذَّخيرَة» ذكَرَ المَسألةَ في «الأصل» مُطلقًا مِنْ غيرِ خِلافٍ، ولم يُفصِّلْ بينَ ما إذا كانَ مِقدارًا يَقتلُ مثلُه غالبًا أو لا يَقتلُ، وهذا الجَوابُ لا يُشكِلُ على قولِ أبي حَنيفةَ؛ وذلكَ لأنَّ القَتلَ حصَلَ بحالٍ لا يَخرجُ لا مِنْ حَيثُ الحَقيقةُ ولا مِنْ حَيثُ الاعتبارُ، فكانَ خَطأَ العَمدِ على مَذهبِه، وأما على قَولِ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ فمِن مَشايخِنا مَنْ قالَ: الجَوابُ عندَهُما على التَّفصيلِ: إنْ كانَ ما أوجَرَه مِنْ السمِّ مِقدارَ ما يَقتلُ مثلُه غالبًا كانَ عَمدًا مَحضًا، وإنْ كانَ قَدرًا لا يَقتلُ مثلُه غالبًا فإنه يَكونُ خَطأَ العَمدِ، ومِن مَشايخِنا مَنْ قالَ بأنهُ على قَولِهم جَميعًا يَكونُ خَطأَ العَمدِ، سَواءٌ كانَ مما يَقتلُ مثلُه غالبًا أو لا يَقتلُ، وكانَ كمَن أوجَرَ رَجلًا سَقمونيَا لا تَحتملُه النُّفوسُ فماتَ لا يَكونُ عَمدًا مَحضًا.

وإذا تَناولَه فشَربَ مِنْ غيرِ أنْ أُكرهَ لم يَكنْ عليهِ قِصاصَ ولا دِيةَ، سَواءٌ عَلِمَ الشاربُ بكَونِه سُمًّا أو لم يَعلمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>