وَكزةٍ أو بُندُقةٍ أو قَضيبٍ أو عصًا أو غيرِ ذلكَ فماتَ مِنْ ذلكَ فإنه يُقتصُّ له منه، وإنْ لم يَكنْ يَقصدُ قتْلَه فمُجرَّدُ قَصدِ الضَّربِ كافٍ لوُجوبِ القِصاصِ.
فإنْ لم يَقصدْ ضرْبَه وثبَتَ ذلكَ إما ببَينةٍ أو بإقرارِ المَجنِي عليهِ فإنه لا قَودَ عليهِ؛ لأنه خَطأٌ، وفيهِ الدِّيةُ على العاقِلةِ.
وسَواءٌ قصَدَ الشَّخصَ المَضروبَ نفْسَه أو قصَدَ أنْ يَضربَ شَخصًا عُدوانًا فأصابَ غيرَه، فإنه يُقتلُ به، وما قِيلَ:«إنه مِنْ الخَطأِ» ضَعيفٌ.
وأما لو قصَدَ ضرْبَ مَنْ يَحلُّ له ضَربُه فأصابَ غيرَه فهو خَطأٌ، بشَرطِ ضَربِ اللَّعبِ أو الأدَبِ، وكذا إنْ ضرَبَ غيرَه على وَجهِ اللَّعبِ فهو خَطأٌ على الصَّحيحِ، ومِثلُه إذا قصَدَ به الأدبَ الجائِزَ بأنْ كانَ بآلةٍ يُؤدبُ بها، وأما إنْ كانَ الضَّربُ للتأديبِ والغَضبِ فالمَشهورُ أنه عَمدٌ يُقتصُّ منه، إلا في الأبِ ونَحوِه فلا قِصاصَ، بل فيه دِيةٌ مُغلَّظةٌ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: إنْ ضرَبَه بسَوطٍ أو عَصًا خَفيفةٍ أو رَماهُ بحَجرٍ صَغيرٍ نُظرَ؛ إنْ وَالَى به الضَّربَ بأنْ بلَغَ عَددًا يَقتلُ مِثلُه في الغالبِ على حَسبِ حالِ المَضروب حتَّى ماتَ أو اشتَدَّ الألمُ وبَقيَ مُتألِّمًا حتَّى ماتَ وجَبَ القِصاصُ، وإنْ لم يُوالِ واقتَصرَ على سَوطٍ أو سَوطينِ فإنْ كانَ في مَقتلٍ أو في شِدةِ الحَرِّ أو البَردِ المُعِينينِ على الهَلاكِ أو كانَ المَضروبُ صَغيرًا أو
(١) «التاج والإكليل» (٥/ ٢٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٢، ١٨٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٢٦، ٢٢٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٤٣).