ولأنها آلةٌ يُقصدُ بها القَتلُ في الغالِبِ، فجازَ أنْ يَجبَ القَودَ بها، أصلُه المُحدَّدُ، ولأنه تَعمَّدَ قتْلَ مُكافِئٍ لدَمِه ظُلمًا، فأشبَهَ أنْ يَحرقَه بالنارِ، ولأنَّ في إسقاطِ ذلكَ ذَريعةً إلى التَّسرعِ إلى القَتلِ (١).
وحَدَّ الخِرقيُّ مِنْ الحَنابلةِ الخَشبةَ الكَبيرةَ بما فَوقَ عَمودِ الفُسطاطِ، يَعني العُمدَ التي يَتخذُها الأعرابُ لبُيوتِها وفيها دِقةٌ، فأما عُمدُ الخِيامِ فكَبيرةٌ تَقتلُ غالبًا، فلم يُرِدْها الخِرقيُّ، وإنما حَدُّ المُوجِبَ للقِصاصِ ما فَوقَ عَمودِ الفُسطاطِ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ«لمَّا سُئلَ عن المَرأةِ التي ضرَبَتْ ضَرَّتَها بعَمودِ فُسطاطٍ فقتَلَتْها وجَنينَها، قَضَى النبيُّ ﷺ في الجَنينِ بغُرَّةٍ، وقَضَى بالديَةِ على عاقِلتِها»، فعَن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ «أنَّ امرَأةً قتَلَتْ ضرَّتَهَا بعَمودِ فُسطاطٍ، فأُتِيَ فيه رَسولُ اللهِ ﷺ، فقَضَى على
(١) «شرح مشكل الآثار» (١٢/ ٤٦٦، ٤٧٠)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٤)، و «الهداية» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «الاختيار» (٥/ ٣١)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٥، ١٩٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٧٠)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٩١)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٣، ١٨٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٢٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٤٣)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ٣٥، ٣٧)، و «المهذب» (٢/ ١٧٦)، و «البيان» (١١/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٥٧، ١٥٨)، و «روضة الطالبين» (٦/ ١٣٤)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٣)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢٩٢)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٨٩)، و «الديباج» (٤/ ٩، ١٠)، و «المغني» (٨/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «الكافي» (٤/ ١٢).