انعِقادِ الإمامةِ ولا يُخرجُ منها؛ لأنه مَرضٌ قَليلُ اللبسِ سَريعُ الزَّوالِ، وقد أُغميَ على رَسولِ اللهِ ﷺ في مرضِه.
والضَّربُ الثاني: ما كانَ لازِمًا لا يُرجَى زَوالُه كالجُنونِ والخَبلِ، فهو على ضَربينِ:
أحَدُهما: أنْ يكونَ مُطبِقًا دائمًا لا يَتخللُه إفاقةٌ، فهذا يَمنعُ مِنْ عَقدِ الإمامةِ واستِدامتِها، فإذا طرَأَ هذا بطَلَتْ به الإمامةُ بعدَ تحقُّقِه والقَطعِ به.
والضَّربُ الثاني: أنْ يَتخللَه إفاقةٌ يَعودُ بها إلى حالِ السَّلامةِ فيُنظرُ فيه، فإنْ كانَ زمانُ الخَبلِ أكثَرُ مِنْ زَمانِ الإفاقةِ فهو كالمُستديمِ يَمنعُ مِنْ عَقدِ الإمامةِ واستِدامتِها، ويَخرجُ بحُدوثِه منها، وإنْ كانَ زَمانُ الإفاقةِ أكثَرَ مِنْ زمانِ الخَبلِ منَعَ مِنْ عقدِ الإمامةِ، واختُلفَ في مَنعِه مِنْ استِدامتِها، فقيلَ: يَمنعُ مِنْ استدامِتها كما يَمنعُ مِنْ ابتدائِها، فإذا طرَأَ بطَلَتْ به الإمامةُ؛ لأنَّ في استِدامتِه إخلالًا بالنظرِ المُستحقِّ فيه، وقيلَ: لا يَمنعُ مِنْ استدامةِ الإمامةِ وإنْ منَعَ مِنْ عقدِها في الابتداءِ؛ لأنه يُراعَى في ابتداءِ عقدِها سَلامةٌ كامِلةٌ، وفي الخُروجِ منها نَقصٌ كاملٌ.
وأما ذهابُ البَصرِ فيَمنعُ مِنْ عقدِ الإمامةِ واستِدامتِها، فإذا طرَأَ بطَلَتْ به الإمامةُ؛ لأنه لمَّا أبطَلَ وِلايةَ القضاءِ ومنَعَ مِنْ جوازِ الشهادةِ فأَولى أنْ يَمنعَ مِنْ صحَّةِ الإمامةِ، وأما عَشاءُ العَينِ -وهو أنْ لا يُبصرَ عندَ دُخولِ الليلِ- فلا يَمنعُ مِنْ الإمامةِ في عَقدٍ ولا استِدامةٍ؛ لأنه مرضٌ في زَمانِ الدَّعةِ يُرجَى زوالُه.