فإذا أفضَى الأمرُ إلى خِلافِ ما تَقتضيهِ الزَّعامةُ والإيَالةُ فيَجبُ استِدراكُه لا مَحالةَ، وتَركُ الناسِ سُدًى مُلتطِمينَ لا جامِعَ لهم على الحَقِّ والباطِلِ أجدَى عليهِم مَنْ تقريرِهم على اتِّباعِ مَنْ هو عَونُ الظالمينَ ومَلاذُ الغاشِمينَ ومَوئِلُ الهاجِمينَ ومُعتصَمُ المارقينَ الناجِمينَ، وإذا دُفعَ الخَلقُ إلى ذلكَ فقدِ اعتاصَتِ المَسالكُ وأعضَلَتِ المَداركُ، فليَتَّئِدِ الناظرُ هنالكَ … (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ ﵀: وقولُه: «مَنْ رَأى شَيئًا يَكرهُه فلْيَصبرْ» يعني: مِنْ الظُّلمِ والجَورِ، فأما مَنْ رَأى شَيئًا مِنْ مُعارَضةِ اللهِ ببدعةٍ أو قَلبِ شَريعةٍ فلْيَخرجْ مِنْ تلكَ الأرضِ ويُهاجرْ منها، وإنْ أمكَنَه إمامٌ عَدلٌ واتَّفقَ عليهِ جُمهورُ الناسِ فلا بأسَ بخَلعِ الأوَّلِ، فإنْ لم يَكنْ معَه إلا قِطعةٌ مِنْ الناسِ أو ما يُوجِبُ الفُرقةَ فلا يَحلُّ له الخُروجُ.
قالَ أبو بَكرِ بنُ الطيِّبِ: أجمَعَتِ الأمَّةُ أنه يُوجِبُ خلْعَ الإمامِ وسُقوطَ فَرضِ طاعتِه كُفرُه بعدَ الإيمانِ وتَركُه إقامةَ الصَّلاةِ والدَّعاَء إليها، واختَلفُوا إذا كانَ فاسِقًا ظالمًا غاصِبًا للأموالِ يَضربُ الأبشارَ ويَتناولُ النُّفوسَ المحرَّمةَ ويُضيِّعُ الحدودَ ويُعطِّلُ الحقوقَ، فقالَ كَثيرٌ مِنْ الناسِ: يَجبُ خَلعُه لذلكَ، وقالَ الجُمهورُ مِنْ الأمةِ وأهلِ الحَديثِ: لا يُخلعُ بهذهِ الأمورِ، ولا يَجبُ الخروجُ عليهِ؛ بل يجبُ وَعظُه وتَخويفُه وتَركُ طاعتِه فيما يَدعو إليه مِنْ مَعاصِي اللهِ، واحتَجُّوا بقَولِه ﷺ: «اسمَعُوا وأطيعُوا وإنْ