للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناها في حُكمِ الاستِفاضةِ، وإنْ كانَتْ آحادُ ألفاظِها مَنقولةً أفرادًا؛ منها قولُه : «هل أنتُم تارِكونَ لي أمَرائِي، لكُم صَفوُ أمرِهم وعليهِم كَدرُه»، إلى غيرِ ذلكَ مِنْ الألفاظِ، فلْيَطلبِ الحديثَ طالِبُه مِنْ أهلِه.

وإنما غَرَضي مِنْ وَضعِ هذا الكِتابِ وتَبويبِ هذه الأبوابِ تَحقيقُ الإيَالاتِ الكليَّةِ، وذِكرُ ما لها مِنْ مُوجبٍ وقَضيةٍ، وهذه مَسالكُ لا أبارِي في حَقائقِها ولا أُجاري في مَضايقِها.

فإنْ قيلَ: فلِمَ مَنعتُم عقْدَ الإمامةِ لفاسقٍ؟

قُلنا: أهلُ العَقدِ على تَخيُّرِهم في افتِتاحِ العَهدِ، ومِن سُوءِ الاختيارِ أنْ يعيَّنَ لهذا الأمرِ العَظيمِ والخَطبِ الجَسيمِ فاسِقٌ، وهم مَأمورونَ بالنَّظرِ للمُسلمينَ مِنْ أقصَى الإمكانِ، وأما الذَّهابُ إلى الانخِلاعِ بعدَ الاستِمرارِ والاستِتبابِ مع التعرُّضِ للزلَّاتِ فمُفسِدٌ لقاعدةِ الولايةِ، ولا خَفاءَ بذلكَ عندَ ذوِي الدِّرايةِ.

وهذا كلُّه -حرَسَ اللهُ مَولانا- في نَوادرِ الفُسوقِ، فأما إذا تواصَلَ منه العِصيانُ وفَشَا منه العُدوانُ وظهَرَ الفَسادُ وزالَ السَّدادُ وتَعطَّلَتِ الحُقوقُ والحدودُ وارتَفعَتِ الصِّيانةُ ووضَحَتِ الخِيانةُ واستَجرأَ الظلَمةَ ولم يَجدِ المَظلومُ مُنتصِفًا ممَّن ظلَمَه وتَداعَى الخَللُ والخَطلُ إلى عَظائمِ الأمورِ وتَعطيلِ الثُّغورِ فلا بُدَّ مِنْ استِدراكِ هذا الأمرِ المُتفاقمِ على ما سنُقرِّرُ القَولَ فيه على الفاهِمِ إنْ شاءَ اللهُ ﷿، وذلكَ أنَّ الإمامةَ إنما تُعنى لنَقيضِ هذه الحالةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>