وإذا لم تَكنِ الإيالةُ الضابِطةُ لأهلِ الإسلامِ على الإلزامِ والإبرامِ كانَ ضَيرُها مُبِرًّا على خيرِها.
فخرَجَ مِنْ مَحصولِ ما ذكَرْناهُ أنَّ القائمَ بأمورِ المُسلمينَ إذا لم يَكنْ مَعصومًا، وكانَ لا يَأمنُ اقتِحامَ الآثامِ، ومَن لا يأمنُ اقتحامَ الآثامِ فيما يتعلَّقُ بخاصَّتِه فبَعُدَ أنْ يَسلمَ عن احتقابِ الأوزارِ في حُقوقِ كافَّةِ المُسلمينَ في مَشارقِ الأرضِ ومَغاربِها إيفاءً واستيفاءً ومَنعًا واستِواءً ورَدعًا ودُعاءً وقَبولًا ورَدًّا وفَتحًا وسَدًّا، فلا يَبقى لذِي بَصيرةٍ إشكالٌ في استِحالةِ استمرارِ مَقاصدِ الإمامةِ، مع المَصيرِ إلى أنَّ الفِسقَ يُوجبُ انخِلاعَ الإمامِ، أو يُسلِّطُ خلْعَه على الإطلاقِ.
والذي يَجبُ القَطعُ به أنَّ الفِسقَ الصادِرَ عن الإمامِ لا يَقطعُ نظَرَه، ومِن المُمكِنِ أنْ يتوبَ ويَسترجعَ ويَؤوبَ، وقد قرَّرْنا بكلِّ عِبرةٍ أنَّ في الذهابَ إلى خلعِه أو انخلاعِه بكلِّ عَثرةٍ رفْضَ الإمامةِ ونقْضَها واستِئصالَ فائدتِها ورفْعَ عائدتِها وإسقاطَ الثقةِ بها واستِحثاثَ الناسِ على سَلِّ الأيدِي عن رِبقةِ الطاعةِ.
ولا خِلافَ أنَّ الإمامَ لو طرَأَ عليهِ عَرَضٌ أو عَراهُ مَرضٌ وامتَنعَ عليهِ الرأيُ به، ولكنَّه كانَ مَرقوبَ الزوالِ لم نَقْضِ بانخلاعِه، ومَن شبَّبَ في ذلكَ بخِلافٍ كانَ مُنسَلًّا عن وفاقِ المُسلمينَ انسلالَ الشَّعرةِ مِنْ العَجينِ، فإذا كانَ كذلكَ -مع أنَّ المرَضَ قاطعٌ نظَرَه في الحالِ- فما يَطرأُ مِنْ زَلةٍ -وهي لا تَقطعُ نظَرَه على أنها مَرقوبةُ الزَّوالِ- أَولى بأنْ لا يَتضمَّنَ انخِلاعَه، والأخبارُ المُستحِثةُ على اتِّباعِ الأمَراءِ في السرَّاءِ والضرَّاءِ يكادُ أنْ يكونَ