يُعتبَرُ خِلافُه ووِفاقُه، وقد نقَلَ الرُّواةُ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ:«الأئمَّةُ مِنْ قُريشٍ»، وذكَرَ بعضُ الأئمَّةِ أنَّ هذا الحديثَ في حُكمِ المُستفيضِ المَقطوعِ بثُبوتِه مِنْ حيثُ إنَّ الأمَّةَ تلَقَّتْه بالقَبولِ، وهذا مَسلكٌ لا أوثرُه، فإنَّ نَقَلةَ هذا الحَديثِ مَعدُودونَ لا يَبلغونَ مَبلغَ عَددِ التواتُرِ.
والذي يُوضحُ الحقَّ في ذلكَ أنَّا لا نَجدُ في أنفُسِنا ثلجَ الصُّدورِ واليقينَ المَبتوتَ بصَدرِ هذا مِنْ فلقٍ في رَسولِ اللهِ ﷺ كما لا نَجدُ ذلكَ في سائرِ أخبارِ الآحادِ، فإذًا لا يَقتضِي هذا الحديثُ العِلمَ باشتِراطِ النَّسبِ في الإمامةِ.
فالوَجهُ في إثباتِ ما نُحاولُه في ذلكَ أنَّ الماضِينَ ما زَالوا بائِحينَ باختِصاصِ هذا المَنصبِ بقُريشٍ، ولم يَتشوَّفْ قطُّ أحدٌ مِنْ غيرِ قُريشٍ إلى الإمامةِ على تَمادِي الآمادِ وتطاوُلِ الأزمانِ، مع العلمِ بأنَّ ذلكَ لو كانَ مُمكِنًا لَطلَبَه ذَوُو النجدةِ والبأسِ، وتَشمَّرِ في ابتغائِه عن ساقِ الجَدِّ أصحابُ العَددِ والعُدَدِ، وقد بلَغَ طلَّابُ المُلكِ في انتِحاءِ الاستِعلاءِ على البلادِ والعبادِ أقصى غاياتِ الاعتداءِ، واقتَحَموا في رَومِ ما يُحاوِلونَه المَهاوِي والمَعاطبَ والمَساوئَ، ورَكِبوا الأغرارَ والأخطارَ وجانَبوا الرَّفاهيةَ والدَّعةَ والأوطانَ، فلو كانَ إلى ادِّعاءِ الإمامةِ مَسلكٌ أو له مَدركٌ لَزاولَه مُحقِّونَ أو مُبطِلونَ مِنْ غيرِ قُريشٍ، ولَما اشرَأبَّ لهذا المَنصبِ المارِقونَ في فُسطاطِ مِصرَ، اعتَزَوا أولًا إلى شَجرةِ النبوَّةِ على الافتِراءِ وانتَمَوا انتماءَ الأدعياءِ، وبَذَلوا حَرائبَ الأموالِ للكاذِبينَ النسَّابينَ حتى ألحَقوهُم بصَميمِ النسبِ.
فهذا إذًا ما تطابَقَتْ عليهِ مَذاهبُ طَبقاتِ الخَلقِ، وقد تَصدَّى للإمامةِ