الوزَراءُ ومنكُم الأمَراءُ»، ورجَعَتِ الأنصارُ عمَّا كانوا عليه حينَ تبيَّنَ لهم الحقُّ بعدَ أنْ نَصبُوا الحربَ، وقالَ الحُبابُ بنُ المنذِرِ: أنا جَذيلُها المُحككُ وعَذيقُها المُرجبُ، وانقادُوا لأبي بكرٍ مُذعِنينَ، ولولا عِلمُهم بصحَّةِ هذهِ الأخبارِ لم يَلبَثوا أنْ يَقدَحوا فيها ويَتعاطوا رَدَّها، ولا كانَتْ قُريشٌ بأسرِها تُقِرُّ كَذبًا يُدَّعى عليها؛ لأنَّ العادةَ جرَتْ فيما لم يَثبتْ مِنْ الأخبارِ أنْ يقَعَ الخلافُ والقَدحُ فيها عندَ التنازُعِ، ولا سِيما إذا احتُجَّ به في هذا الأمرِ العَظيمِ مع إشهارِ السُّيوفِ واختِلاطِ القولِ.
وممَّا يَدلُّ على كَونِ الإمامِ قُرَشيًّا اتِّفاقُ الأمَّةِ في الصَّدرِ الأوَّلِ وبعدَه مِنْ الأعصارِ على اعتبارِ ذلكَ في صِفةِ الإمامِ قبلَ حُدوثِ الخِلافِ في ذلكَ، فثبَتَ أنَّ الحقَّ في اجتماعِها وإبطالِ قَولِ مَنْ خالَفَها.
قالَ المُهلَّبُ: وأما حَديثُ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو «أنه سَيكونُ مَلكٌ مِنْ قَحطانَ» فيَحتملُ أنْ يكونَ مَلكًا غيرَ خَليفةٍ على الناسِ مِنْ غيرِ رضًا به، وإنما أنكَرَ ذلكَ مُعاويةُ لئلَّا يَظنَّ أحدٌ أنَّ الخِلافةَ تَجوزُ في غيرِ قُريشٍ، ولو كانَ عندَ أحدٍ في ذلكَ عِلمٌ مِنْ النبيِّ ﷺ لَأخبَرَ به مُعاويةَ حينَ خطَبَ بإنكارِ ذلكَ عليهِم، وقد رُويَ في الحَديثِ أنَّ ذلكَ إنما يكونُ عندَ ظهورِ أشراطِ الساعَةِ وتَغييرِ الدِّينِ (١).
وقالَ الإمامُ أبو المَعالي الجُوَينيُّ ﵀: فالشَّرطُ أنْ يكونَ الإمامُ قُرشيًّا، ولم يُخالِفْ في اشتِراطِ النَّسبِ غيرُ ضِرارِ بنِ عَمرٍو، وليسَ ممَّن