للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمنعُه»، وهذا كلُّه هُزؤٌ مِنْ القَولِ ومُخالَفةٌ لِما عليهِ السلَفُ وجماعةُ المُسلمينَ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : النَّسبُ وهو أنْ يكونَ مِنْ قُريشٍ؛ لوُرودِ النصِّ فيه وانعِقادِ الإجماعِ عليهِ، ولا اعتِبارَ بضِرارٍ حينَ شَذَّ فجوَّزَها في جَميعِ الناسِ؛ لأنَّ أبا بَكرٍ الصدِّيقَ احتَجَّ يومَ السَّقيفةِ على الأنصارِ في دَفعِهم عن الخِلافةِ لمَّا بايَعوا سعدَ بنَ عُبادةَ عليها بقَولِ النبيِّ : «الأئمَّةُ مِنْ قُريشٍ»، فأقلَعُوا عن التفرُّدِ بها ورَجَعوا عن المشارَكةِ فيها حينَ قالوا: «منَّا أميرٌ ومنكُم أميرٌ» تَسليمًا لرِوايتِه وتَصديقًا لخبَرِه، ورَضُوا بقَولِه: «نحنُ الأمَراءُ وأنتُم الوزَراءُ»، وقالَ النبيُّ : «قَدِّموا قُريشًا ولا تَقدَّمُوها»، وليسَ مع هذا النَّصِّ المسلَّمِ شُبهةٌ لمُنازِعٍ فيه، ولا قَولٌ لمُخالِفٍ له (٢).

وقالَ ابنُ بطَّالٍ : قالَ أبو بكرِ بنُ الطيِّبِ: وقد ثبَتَ عن النبيِّ أنَّ الخِلافةَ في قُريشٍ، وعَمِلَ بذلكَ المُسلمونَ قرنًا بعدَ قَرنٍ، فلا معنَى لقَولِهم، وقد صَحَّ عن النبيِّ أنه أوصَى بالأنصارِ، وقالَ: «مَنْ وَلِيَ منكُم مِنْ هذا الأمرِ شَيئًا فلْيَتجاوُزْ عن مُسيئِهم»، ولو كانَ الأمرُ إليهِم لمَا أوصَى بهم، وممَّا يَشهدُ لصحَّةِ هذهِ الأحادِيثِ احتِجاجُ أبي بكرٍ وعُمرَ بها على رؤُوسِ الأنصارِ في السَّقيفةِ، وما كانَ مِنْ إذعانِ الأنصارِ وخُنوعِهم لها عندَ سَماعِها وإذكارِهم بها، حتى قالَ سعدُ بنُ عُبادةَ: «منَّا


(١) «إكمال المُعلّم بفوائد مسلم» (٦/ ٢١٤).
(٢) «الأحكام السلطانية» ص (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>