للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو مَذهبُ مالِكٍ والشافِعيِّ، وأبي حَنِيفَةَ، انتَهى مُختَصَرًا أغلَبُه بالمَعنى.

وقال الشَّيخُ أبو عَلِيٍّ الغَسانِيُّ : إنِ افتَرَقَ الجَماعةُ عندَ الإقامةِ على أئِمَّةٍ مُتَعَدِّدةٍ، إمامٍ ساجِدٍ، وإمامٍ راكِعٍ، وإمامٍ يَقولُ: سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، لم يُوجَد مَنْ ذكرَه مِنْ الأئمَّةِ، ولا أذِنَ به أحَدٌ بعدَ الرَّسولِ ، لا مَنْ صحَّت عَقيدَتُه، ولا مَنْ فَسَدَت، لا في سَفرٍ، ولا في حَضرٍ، ولا عندَ تَلَاحُمِ السُّيوفِ وتَضامِّ الصُّفوفِ في سَبيلِ اللهِ، ولا يُوجَدُ في ذلك أثَرٌ لِمَنْ تَقدَّم، فيَكونَ له به أُسوةٌ. انتَهى.

وسُئلَ القاضي جَمالُ الدِّينِ بنُ ظُهَيرةَ: عن إقامةِ الأئمَّةِ الأربَعةِ لِصَلاةِ المَغربِ في وَقتٍ واحدٍ، وقالَ القائِلُ في السُّؤالِ: إنَّ ذلك لم يكن في زَمنِ النُّبُوَّةِ، ولا الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ، ولا في زَمنِ الأئمَّةِ الأربَعةِ.

فأجابَ: بأنَّ صَلاةَ الأئمَّةِ الأربَعةِ المَغربَ دُفعةً واحدةً مِنْ البِدَعِ الفَظيعةِ، والأُمورِ الشَّنيعةِ التي لم يَزَلِ العُلماءُ يُنكِرُونَها في الحَديثِ والقَديمِ، ويَرُدُّونَها على مُختَرِعِها، القادِمِ منهم والمُقيمِ.

ثم ذكرَ كَلامَ ابنِ الحُبابِ الذي ذكَرناه، وكَلامَ الغَسانيِّ، ثم قالَ: وقد كَفانا هذانِ الرَّجلانِ في هذه المَسألةِ، وفيما نقلَه الأوَّلُ منهما مِنْ إجماعِ الأمَّةِ وكَلامِ الأئمَّةِ كِفايةٌ.

قالَ: وقد أخبَرَني بَعضُ أهلِ العِلمِ أَنَّه اجتَمعَ مع الشَّيخِ الإمامِ العَلَّامةِ عالِمِ المَغربِ في وقتِه المُجمَعِ على عِلمِه ودِينِه وفَضيلَتِه، أبي عَبد اللهِ بنِ عَرَفةَ في حَجَّتِه عامَ اثنَينِ وتِسعِينَ وسَبعِمِئةٍ بالمَسجدِ الحَرامِ، فإِنَّه لمَّا رَأى اجتِماعَ الأئمَّةِ الأربَعةِ في صَلاةِ المَغربِ أنكَرَ ذلك، وقالَ: إنَّ ذلك لا يَجوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>