للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرضَ هذا رَسولُ اللهِ لِلمُتنَفِّلينَ تنَفُّلًا في المَسجدِ، بل لم يَرضَه لِمُقتَدٍ اقتَدَى به فصلَّى خلفَه، فكيفَ يَرضَى ذلك لِلإمامَينِ مُنفرِدَينِ، هذا ممَّا لم نَعلم له نَظيرًا في قَديمٍ ولا حَديثٍ.

ثم قالَ في مَوضِعٍ آخرَ: فأمَّا إقامةُ صَلاةِ المَغربِ وصَلاةِ العِشاءِ في شَهرِ رَمضانَ في وَقتٍ واحدٍ فلم يَستَحسِنها أحَدٌ مِنْ العُلماءِ، بل استَقبَحَها كلُّ مَنْ سُئلَ عَنها، ومنهم مَنْ بادَرَ بالإنكارِ مِنْ غيرِ سُؤالٍ.

ثم قالَ: وأمَّا إذنُ الإمامِ في ذلك فلا يُصَيِّرُه جائِزًا، كما لو أذِنَ الإمامُ لِلمالِكِيِّ في بَيعِ النَّبيذِ، أو التَّوَضِّي به، أو في أن يَؤُمَّ قَومًا ولا يَقرأَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، أو في النِّكاحِ بغيرِ وَلِيٍّ، وأطالَ في ذلك، وذكرَ أنَّ الشَّيخَ أبا بَكرٍ الطُّرطُوشيَّ، والشَّيخَ يَحيَى الزَّناتِيَّ أنكَرا هذه الصَّلاةَ، وأَنَّهما لم يُصلِّيَا خلفَ إمامِ المالِكيَّةِ في الحَرمِ الشَّريفِ رَكعةً واحدةً.

قالَ: وكانَ إمامُ المالِكيَّةِ في ذلك الوقتِ غيرَ مَغمُوصٍ عليه بوَجهٍ مِنْ وُجوهِ الفَسادِ، وهو رَزينٌ في أيَّامِ الزَّناتيِّ، والقابِسِيُّ في أيَّامِ الطُّرطُوشيِّ.

ثم قالَ: وحالُ هذَينِ الرَّجلَينِ مَشهورٌ عن أقرانِنا، ومَن قبلَنا بيَسيرٍ.

ثم ذكرَ عن جَماعةٍ مِنْ عُلماءِ المالِكيَّةِ والحَنفيَّةِ، وَرَدُوا إلى مَكةَ في سَنَةِ إحدى وخَمسينَ وخَمسِمِئةٍ، أَنَّهم أنكَروا صَلاةَ الأئمَّةِ الأربَعةِ مُتَرَتِّبِينَ على الصِّفةِ المَعهودةِ، وأَنَّه عَرَضَ ما أملَاه في عدمِ جَوازِ هذه الصَّلاةِ، وأنكَرَ إقامَتَها على جَماعةٍ مِنْ العُلماءِ، وأَنَّهم وافَقوه على أنَّ المَنعَ مِنْ ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>