للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافِعيَّةُ بعدَما ذَكَروا كَراهةَ إعادةِ صَلاةِ الجَماعةِ في المَسجدِ الذي له إمامٌ راتِبٌ قالوا: ومَن حَضرَ ولم يَجِد إلا مَنْ صلَّى، استُحِبَّ لبعضِ مَنْ حَضرَ أن يُصلِّيَ معه؛ لِتَحصُلَ له فَضيلةُ الجَماعةِ؛ لمَا رَوى أبو سَعيدٍ الخُدرِيُّ أنَّ رَجلًا جاءَ وقد صلَّى النَّبيُّ ، فقالَ: «أَلَا رَجلٌ يَتصدَّقُ على هذا يُصلِّي معَه، فَقامَ رَجلٌ فَصلَّى معه» (١). وهذا بالنِّسبةِ لِمَسجدِ الحَيِّ الذي له إمامٌ راتِبٌ.

أمَّا المَسجدُ الذي ليس له إمامٌ راتِبٌ، أو المَسجدُ الذي في السُّوقِ، أو الطُّرقِ ومَمرِّ النَّاسِ، فلا كَراهةَ في الجَماعةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، وأكثرَ، قالَ النَّوويُّ: بالإجماعِ (٢).

أمَّا الحَنابلَةُ فقد ذَهَبوا إلى عدمِ كَراهةِ تَكرارِ الجَماعةِ في مَسجدٍ واحدٍ، ولو كان مَسجدَ الحَيِّ، وله إمامٌ راتِبٌ، بل قالوا: إذا صلَّى إمامُ الحَيِّ، وحَضرَ جَماعةٌ أُخرى استُحِبَّ لهم أن يُصَلُّوا جَماعةً؛ لعُمومِ قولِه : «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِخَمسٍ وَعِشرِينَ دَرَجةً» (٣). وفي رِوايةٍ أُخرى: «بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجةً» (٤)، ولمَا رَوى أبو


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٧٤)، والتِّرمذي (٢٢٠)، وأحمد (٣/ ٥).
(٢) «المجموع» (٥/ ٢٨٦)، وانظر: «الأم» (١/ ١٣٦).
(٣) رواه البُخاري (٦١٩)، ومُسلم (٦٥٠).
(٤) رواه البُخاري (٦١٩)، ومُسلم (٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>