للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنيفةَ والشافِعيِّ وجُمهورِ أهلِ الفقهِ، ورُويَ ذلكَ عن عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ، فعَلى هذا حُكمُهم في ضمانِ النَّفسِ والمالِ حُكمُ المُسلمينَ.

وإنْ سَبُّوا الإمامَ أو غيرَه مِنْ أهلِ العَدلِ عُزِّروا؛ لأنهم ارتَكَبوا مُحرَّمًا لا حَدَّ فيه، وإنْ عَرَّضوا بالسَّبِّ فهلْ يُعزَّرونَ؟ على وَجهين، وقالَ مالكٌ في الإباضِيةِ وسائرِ أهلِ البِدعِ: يُستتابونَ، فإنْ تابوا وإلا ضُربَتْ أعناقُهم، قالَ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: رَأى مالكٌ قتْلَ الخَوارجِ وأهلِ القَدرِ مِنْ أجْلِ الفسادِ الداخلِ في الدِّينِ كقطَّاعِ الطريقِ، فإنْ تابوا وإلا قُتِلوا على إفسادِهم.

وأما مَنْ رَأى تَكفيرَهم فمُقتضَى قَولِه: «إنهُم يُستتابونَ، فإنْ تابوا وإلا قُتِلوا لكُفرِهم كما يُقتلُ المُرتدُّ»، وحُجَّتُهم قولُ النبيِّ : «فأينَما لَقيتُموهُم فاقتُلوهُم»، وقولُه : «لَئِنْ أدرَكْتُهم لَأقتُلنَّهم قتْلَ عادٍ»، وقولُه في الذي أنكَرَ عليهِ وقالَ: «إنها لَقِسمةٌ ما أُريدَ بها وَجهُ اللهِ» لأبي بَكرٍ: «اذهَبْ فاقُتلْه، ثم قالَ لعُمرَ مثلَ ذلكَ»، فأمَرَ بقَتلِه قبلَ قِتالِه، وهو الذي قالَ: «يَخرجُ مِنْ ضِئضِئ هذا قَومٌ» يَعني الخَوارجَ، وقولُ عُمرَ لصُبيغٍ: «لو وجَدتُكَ مَحلوقًا لَضرَبتُ الذي فيه عَيناكَ بالسَّيفِ» يعني لَقتَلتُكَ، وإنما يَقتلُه لكَونِه مِنْ الخَوارجِ، فإنَّ النبيَّ قالَ: «سِيماهُم التَّسبيدُ» يعني حلْقَ رُؤوسِهم.

واحتَجَّ الأوَّلونَ بفِعلِ عليٍّ ، فإنه رُويَ عنه «أنه كانَ يَخطبُ يَومًا، فقالَ رَجلٌ ببابِ المَسجدِ: لا حُكمَ إلا للهِ، فقالَ عليٌّ: كَلمةُ حَقٍّ أريدَ بها باطِلٌ، ثم قالَ: لكُم علينا ثَلاثٌ: لا نَمنعُكم مَساجدَ اللهِ أنْ تَذكُروا فيها اسمَ اللهِ تعالَى، ولا نَمنعُكم الفَيءَ ما دامَتْ أيديكُم معَنا، ولا نَبدؤُكم

<<  <  ج: ص:  >  >>