للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ لم يَكنْ لهم فئةٌ يَتحيَّزونَ إليها لم يُتبَعْ مُدبرُهم ولم يُجهَزْ على جَريحِهم ولم يُقتلْ أسيرُهم؛ لوُقوعِ الأمنِ عن شَرِّهم عندَ انعِدامِ الفئةِ.

ولا يُقتلُ مَنْ مَعَهم مِنْ النِّساءِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ والزَّمنَى والعُميانِ؛ لأنهم لا يُقتلونَ إذا كانوا مع الكفَّارِ، فهذا أَولَى، ولَيسوا مِنْ أهلِ القِتالِ، فإنْ قاتَلَتِ المَرأةُ مع الرِّجالِ لا بأسَ بقَتلِها حالةَ القِتالِ، ولا تُقتلُ إذا أُسِرَتْ، وتُحبسُ؛ اعتِبارًا بالحَربيةِ.

ويُكرَهُ حَملُ رُؤوسِهم وإنفاذُها إلى الآفاقِ؛ لأنه مُثلَةٌ، ولم يُنقَلْ عن عَليٍّ ، ورُويَ «أنه حُمِلَ إلى أبي بَكرٍ رَأسٌ فأنكَرَ حمْلَه، فقيلَ له: إنَّ فارسَ والرُّومَ يَفعلونَ ذلكَ، فقالَ: أَستِنَانٌ بفارسَ والرُّومِ؟!» (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا أمِنَّا بَغيَهم فإنَّا لا نَتبعُ مُنهزِمَهم ولا نُذفِّفُ -أي نُجهِزُ- على جَريحِهم، وإنْ لم يُؤمَنْ منهم يُتبعُ مُنهزِمُهم ويُذفَّفُ على جَريحِهم، وإنْ أُسِرَّ منهم أسيرٌ وانقَطعَتِ الحربُ فلا يُقتلُ، وإنْ كانَتِ الحَربُ قائِمةً فللإمامِ قَتلُه ولو كانوا جَماعةً إذا خافَ أنْ يكونَ منهُم ضَررٌ (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابلةُ إلى أنهم إذا تَرَكوا القتالَ بالرُّجوعِ إلى الطاعةِ أو بإلقاءِ السِّلاحِ أو بالهَزيمةِ إلى فِئةٍ أو إلى غيرِ فئةٍ أو بالعَجزِ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤٠، ١٤١)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٠٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٩٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٤١، ٣٤٢)، و «اللباب» (٢/ ٥٦٨).
(٢) «عقد الجواهر الثمينة» (٣/ ١١٣٨)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٦١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>