للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا: وأمَّا رَفعُ أَصواتِهم بكِتابِهم ورُكوبِ السُّروجِ وتَركُ الغيارِ وإِظهارُ مُعتقَدِهم في عيسى ونَحوُ ذلك ممَّا لا ضَررَ فيه على المُسلِمينَ؛ فإنَّما يُوجِبُ التأديبَ لا القَتلَ.

قالُوا: وإذا ظهَرَ نَقضُ العَهدِ من بَعضِهم؛ فإنْ أنكَرَ عليه الباقونَ وظهَرَ منهم كَراهيةُ ذلك اختَصَّ النَّقضُ به.

وإنْ ظهَرَ رِضاهُم بذلك كانَ نَقضًا من جَميعِهم، فعَلامةُ بَقائِهم على العَهدِ إِنكارُهم على مَنْ نقَضَ عَهدَه (١).

وقالَ الشافِعيةُ: مَنْ انتَقضَ عَهدُه بقِتالٍ يُقتَل، وإنِ انتَقضَ عَهدُه بغيرِه (كما لو زَنى ذِمِّيٌّ بمُسلِمةٍ أو أَصابَها بنِكاحٍ أو دلَّ أهلَ الحَربِ على عَورةِ المُسلِمينَ أو فتَنَ مُسلمًا عن دِينِه أو طعَنَ في الإِسلامِ أو القُرآنِ أو ذكَرَ الرَّسولَ بسُوءٍ) لم يَجبْ إِبلاغُه مأمَنَه في الأظهَرِ؛ بل يَختارُ الإمامُ فيه قَتلًا أو رِقًّا أو مَنًّا أو فِداءً (٢).

أمَّا الحَنابِلةُ، فلم يُفرِّقوا بينَ أَسبابِ النَّقضِ في الرِّوايةِ المَشهورةِ، وقالُوا: خُيِّرَ الإمامُ فيه بينَ أربَعةِ أشياءَ، هي: القَتلُ والاستِرقاقُ والفِداءُ والمَنُّ، كالأَسيرِ الحَربيِّ؛ لأنَّه كافِرٌ، قدِرَنا عليه في دارِنا بغيرِ عَهدٍ ولا


(١) «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٥)، و «منح الجليل» (٣/ ٢٢٥)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٢١٤).
(٢) «الأم» (٤/ ١٨٨)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٣٩)، و «منهاج الطالبين» (١/ ١٤٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>