وأمَّا التَّهنئةُ بشَعائرِ الكُفرِ المُختصةِ به فحَرامٌ بالاتِّفاقِ، مِثلَ أنْ يُهنِّئَهم بأعيادِهم وصَومِهم، فيَقولَ: عيدٌ مُبارَكٌ عليكَ، أو تَهْنَأُ بهذا العيدِ، ونَحوَه، فهذا إنْ سلِمَ قائِلُه من الكُفرِ فهو من المُحرَّماتِ، وهو بمَنزِلةِ أنْ يُهنِّئَه بسُجودِه للصَّليبِ، بل ذلك أعظَمُ إِثمًا عندَ اللهِ وأشَدُّ مَقتًا من التَّهنئةِ بشُربِ الخَمرِ وقَتلِ النَّفسِ وارتِكابِ الفَرْجِ الحَرامِ ونَحوِه.
وكَثيرٌ ممَّن لا قَدْرَ للدِّينِ عندَه يَقعُ في ذلك، ولا يَدري قُبحَ ما فعَل، فمَن هَنَّأ عَبدًا بمَعصيةٍ أو بِدعةٍ أو كُفرٍ فقد تَعرَّضَ لمَقتِ اللهِ وسَخطِه.
وقد كانَ أهلُ الوَرعِ من أهلِ العِلمِ يَتجنَّبونَ تَهنئةَ الظَّلمةِ بالوِلاياتِ وتَهنئةَ الجُهَّالِ بمَنصبِ القَضاءِ والتَّدريسِ والإِفتاءِ؛ تَجنُّبًا لمَقتِ اللهِ وسُقوطِهم من عَينِه، وإنْ بُلي الرَّجلُ بذلك فتَعاطاه دَفعًا لشَرٍّ يَتوقَّعُه منهم، فمشَى إليهم ولم يَقُلْ إلا خَيرًا، ودَعا لهم بالتَّوفيقِ والتَّسديدِ فلا بأسَ بذلك، وباللهِ التَّوفيقُ (١).
وكما أنَّهم لا يَجوزُ لهم إظهارُه لا يَجوزُ للمُسلِمينَ مُمالأتُهم عليه ولا مُساعدتُهم ولا الحُضورُ معهم باتِّفاقِ أهلِ العِلمِ الذين هُمْ أهلُه.
وقد صرَّحَ به الفُقهاءُ من أَتباعِ الأئِمةِ الأربَعةِ في كُتبِهم، فقالَ أبو القاسِمِ هِبةُ اللهِ بنُ الحَسنِ بنِ مَنصورٍ الطَّبريُّ الفَقيهُ الشافِعيُّ: ولا يَجوزُ للمُسلِمينَ