وقد كرِهَ جُمهورُ الأئِمةِ -إمَّا كَراهةَ تَحريمٍ أو كَراهةَ تَنزيهٍ- أكْلَ ما ذبَحوه لأَعيادِهم وقَرابينِهم إِدخالًا له فيما أُهِلَّ به لغيرِ اللهِ وما ذُبِح على النُّصُبِ، وكذلك نُهوا عن مُعاونتِهم على أَعيادِهم بإِهداءٍ أو مُبايَعةٍ، وقالُوا: إنَّه لا يَحِلُّ للمُسلِمينَ أنْ يَبيعوا للنَّصارى شَيئًا من مَصلحةِ عيدِهم لا لَحمًا ولا إِدامًا ولا ثَوبًا ولا يُعارونَ دابةً ولا يُعاوَنونَ على شَيءٍ من دِينِهم؛ لأنَّ ذلك من تَعظيمِ شِركِهم وعَونِهم على كُفرِهم، ويَنبَغي للسَّلاطينِ أنْ يَنهَوُا المُسلِمينَ عن ذلك؛ لأنَّ اللهَ تَعالى يَقولُ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، ثم إنَّ المُسلِمَ لا يَحِلُّ له أنْ يُعينَهم على شُربِ الخُمورِ بعَصرِها أو نَحوِ ذلك، فكيفَ على ما هو من شعائِرِ الكُفرِ؟ وإذا كانَ لا يَحِلُّ له أنْ يُعينَهم هو فكيفَ إذا كانَ هو الفاعِلَ لذلك؟ (١)
وقالَ ابنُ القَيمِ ﵀: فَصلٌ في تَهنئتِهم بزَوجةٍ أو وَلدٍ أو قُدومِ غائِبٍ أو عافيةٍ أو سَلامةٍ من مَكروهٍ ونَحوِ ذلك، وقد اختَلفَت الرِّوايةُ في ذلك عن أحمدَ؛ فأباحَها مَرةً ومنَعها أُخرى، والكَلامُ فيها كالكَلامِ في التَّعزيةِ والعيادةِ ولا فَرقَ بينَهما، ولكنْ ليَحذَرِ الوُقوعَ فيما يَقعُ فيه الجُهَّالُ من الألفاظِ التي تَدلُّ على رِضاه بدِينِه، كما يَقولُ أحدُهم: متَّعك اللهُ بدِينِك أو نَيَّحَك فيه، أو يَقولُ له: أعزَّك اللهُ أو أكرَمك، إلا أنْ يَقولَ: أكرَمك اللهُ بالإسلامِ وأعزَّك به، ونَحوَ ذلك، فهذا في التَّهنئةِ بالأُمورِ المشتَرَكةِ.