فلم يَأذنِ النَّبيُّ ﷺ لهذا الرَّجلِ أنْ يُوفِّيَ بنَذرِه مع أنَّ الأصلَ في الوَفاءِ أنْ يَكونَ واجِبًا حتى أُخبِرَه أنَّه لم يَكنْ بها عيدٌ من أَعيادِ الكُفارِ، وقالَ:«لا وَفاءَ لنَذرٍ في مَعصيةِ اللَّهِ».
فإذا كانَ الذَّبحُ بمَكانٍ كانَ فيه عيدُهم مَعصيةً فكيفَ بمُشارَكتِهم في العيدِ نَفسِه بل قد شرَطَ عليهم أميرُ المُؤمِنينَ عُمرُ بنُ الخَطابِ والصَّحابةُ وسائِرُ أئِمةِ المُسلِمينَ ألَّا يُظهِروا أَعيادَهم في دارِ المُسلِمينَ وإنَّما يَعمَلونها سِرًّا في مَساكنِهم، فكيفَ إذا أظهَرَها المُسلِمونَ أنفُسُهم حتى قالَ عُمرُ بنُ الخَطاب ﵁:«لا تَعَلَّموا رَطانةَ الأعاجِمِ، ولا تَدخُلوا على المُشرِكينَ في كَنائسِهم يَومَ عيدِهم؛ فإنَّ السَّخطةَ تَنزِلُ عليهم»(١).
وإذا كانَ الداخِلُ لفُرجةٍ أو غيرِها مَنهيًّا عن ذلك؛ لأنَّ السَّخطَ يَنزلُ عليهم، فكيفَ بمَن يَفعلُ ما يُسخِطُ اللهَ ﷾ به عليهم ممَّا هو من شَعائرِ دِينِهم، وقد قالَ غيرُ واحِدٍ من السَّلفِ في قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: ٧٢] قالُوا: أعيادُ الكُفارِ، فإذا كانَ هذا في شُهودِها من غيرِ فِعلٍ فكيفَ بالأَفعالِ التي هي من خَصائِصِها.
وقد رُوي عن النَّبيِّ ﷺ في المُسنَدِ والسُّننِ أنَّه قالَ:«مَنْ تَشبَّه بقَومٍ فهو منهم»، وفي لفظٍ:«ليسَ منَّا مَنْ تَشبَّه بغيرِنا»، وهو حَديثٌ جَيدٌ، فإذا كانَ هذا في التَّشبُّهِ بهم، وإنْ كانَ من العاداتِ فكيفَ بالتَّشبُّهِ بهم فيما هو أبلَغُ من ذلك.