للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن شاءَ تركَها، فإنَّ تَركَها لا يَكونُ ضَلالًا، ولا مِنْ عَلاماتِ النِّفاقِ، كتَركِ الضُّحَى، وقِيامِ اللَّيلِ، وصَومِ الاثنَينِ والخَميسِ (١).

وأمَّا عن تَوارُثِ الأمَّةِ: فقالَ الكاسانيُّ: فلأنَّ الأُمةَ مِنْ لَدُن رَسولِ اللهِ إلى يَومِنا هذا واظَبَت عليها، وعلى النَّكيرِ على تاركِها، والمُواظَبةُ على هذا الوَجهِ دَليلُ الوُجوبِ، وليس هذا اختِلافًا في الحَقيقةِ مِنْ حيثُ العِبارةُ، لأنَّ السُّنةَ المُؤكَّدةَ والواجِبَ سَواءٌ، خُصوصًا ما كانَ مِنْ شَعائرِ الإسلامِ، ألَا تَرى أنَّ الكَرخِيَّ سَمَّاها سُنَّةً، ثم فسَّرها بالواجِبِ، فقالَ: الجَماعةُ سُنَّةٌ لا يُرخَّصُ لِأحَدٍ التَّأخُّرُ عنها إلا لِعُذرٍ؟ وهو تَفسيرُ الواجِبِ عندَ العامَّةِ.

القولُ الثَّاني: ذَهب المالِكيَّةُ وبَعضُ الشافِعيَّةِ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ صَلاةَ الجَماعةِ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ.

واحتَجوا على ذلك بمَا رُويَ عن النَّبيِّ أَنَّه قال: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِخَمسٍ وَعِشرِينَ دَرَجةً، أو بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجةً» (٢)؛ جعلَ الجَماعةَ لِإحرازِ الفَضلِيَّةِ، وذا آيةُ السُّننِ، أي: عَلامَةُ السُّننِ (٣).

وقالَ ابنُ عَبد البرِّ : لا يَخلُو قولُه : «صَلاةُ الجَمَاعَةِ


(١) «الصَّلاة وحُكم تارِكها» (١٤٦/ ١٤٧)، وهناك باقي الأدِلَّةِ تَرَكتُها للإطالةِ.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.
(٣) «معاني الآثار» (١/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>