للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسجدِ. فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ أَنْ يُرخِّصَ له فَيُصلِّيَ في بَيتِه، فَرخَّصَ له، فلمَّا وَلَّى دَعاهُ، فقالَ: «هل تَسمَعُ النِّداءَ بِالصَّلاةِ؟» فقالَ: نَعم. قالَ: «فَأَجِب» (١). وهذا الرَّجلُ هو ابنُ أُمِّ مَكتومٍ، واختُلِفَ في اسمِه، فقِيلَ عَبد اللهِ، وقيلَ: عَمرٌو.

وفي سُننِ أبي داودَ عن عَمرِو بنِ أُمِّ مَكتومٍ قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي رَجلٌ ضَرِيرُ البَصرِ، شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِي قائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي؛ فَهَلْ لي رُخصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ في بَيتِي؟ قالَ: «هل تَسمَعُ النِّدَاءَ؟» قالَ: نَعم. قالَ: «لَا أَجِدُ لكَ رُخصَةً» (٢).

قال ابنُ القَيِّمِ : قالَ المُوجِبونَ: الأمرُ مُطلَقٌ لِلوُجوبِ، فكَيفَ إذا صرَّح صاحِبُ الشَّرعِ بأَنَّه لا رُخصَةَ لِلعَبد في التَّخلُّفِ عنه لِضَريرٍ شاسِعِ الدَّارِ، لا يُلائِمُه قائِدُه، فلو كانَ العَبدُ مُخيَّرًا بينَ أن يُصلِّيَ وَحدَه أو جَماعةً، لكانَ أَولى النَّاسِ بهذا التَّخييرِ مِثلُ الأعمى.

قال أبو بَكرِ ابنُ المُنذرِ : ذكرُ حُضورِ الجَماعةِ على العُميانِ، وإن بَعُدت مَنازِلُهم عن المَسجدِ، ويدلُّ ذلك على أنَّ شُهودَ الجَماعةِ فَرضٌ لا نَدبٌ، وقال: وإذا قالَ لابنِ أُمِّ مَكتومٍ وهو ضَريرٌ: لا أجِدُ لكَ رُخصةً؛ فالبَصيرُ أَولى ألَّا تَكونَ له رُخصةٌ (٣).


(١) رواه مُسلم (٦٥٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٥٢).
(٣) «الصَّلاة وحُكم تارِكها» (١٤٥)، و «الأوسط» لابن المُنذِر (٤/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>