للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُكلِّفوهم فوقَ طاقَتِهم» ولأنَّ الصَّحابةَ فتَحُوا كَثيرًا من البِلادِ عَنوةً، فلم يَهدِموا شَيئًا من الكَنائسِ، ويَشهَدُ لصِحةِ هذا وُجودُ الكَنائسِ والبِيعِ في البِلادِ التي فُتِحت عَنوةً، ومَعلومٌ أنَّها ما أُحدِثت، فيَلزمُ أنْ تَكونَ مَوجودةً فأُبقِيت، وقد كتَبَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى عُمالِه: «ألَّا يَهدِمُوا بِيعةً ولا كَنيسةً ولا بَيتَ نارٍ» ولأنَّ الإجماعَ قد حصَلَ على ذلك؛ فإنَّها مَوجودةٌ في بِلادِ المُسلِمينَ من غيرِ نَكيرٍ (١).

وقالَ ابنُ مُفلِحٍ : وفي وُجوبِ هَدمِ المَوجودِ وَجهانِ، والمَجزومُ به عندَ الأكثرِ إقرارُهم عليها (٢).

وقالَ المِرداويُّ : فائِدةٌ في لُزومِ هَدمِ المَوجودِ منها: في العَنوةِ وَقتَ فَتحِها وَجهانِ، وهُما في التَّرغيبِ: إنْ لم يُقَرَّ به أُخذَ بجِزيةٍ، وإلا لم يَلزمْ، قالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ: وبَقاؤُه ليسَ تَمليكًا فيأخُذُه لمَصلحةٍ، وأطلَقَ الخِلافَ في المُغني والشَّرحِ والفُروعِ.

أحدُهما: لا يَلزمُ، وهو المَذهبُ، صحَّحَه في النَّظمِ، وقدَّمَه في الكافي، وإليه مالَ في المُغني والشَّرحِ.

والوَجهُ الثانِي: يَلزمُ، واختارَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ جَوازَ هَدمِها مع عَدمِ الضَّررِ علينا. وقيلَ: يُمنَعُ من هَدمِها. قالَ في الرِّعايةِ الكُبرى: وهو أشهَرُ. قالَ في الفُروعِ: كذا قالَ (٣).


(١) «المغني» (١٢/ ٦٩٦)، وانظر: «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٢٢).
(٢) «المبدع» (٣/ ٤٢١).
(٣) «الإنصاف» (٤/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>