للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثانِي: أنَّ البِيَعَ والكَنائسَ المَوجودةَ قبلَ الفَتحِ، يَجبُ هَدمُها وهو وَجهٌ عندَ الحَنابِلةِ والصَّحيحُ عندَ الشافِعيةِ كما يَقولُ النَّوويُّ وهو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ وابنِ القَيمِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : الثانِي بِلادٌ لم يُحدِثوها ودخَلَت تحتَ أيديهم؛ فإنْ أسلَمَ أهلُها كالمَدينةِ واليَمنِ فحُكمُها كالقِسمِ الأولِ، وإلا فإمَّا أنْ تُفتَحَ عَنوةً أو صُلحًا، الضَّربُ الأولُ: ما فُتحَ عَنوةً؛ فإنْ لم يَكنْ فيها كَنيسةٌ أو كانَت وانهَدَمت أو هدَمَها المُسلِمونَ وَقتَ الفَتحِ أو بعدَه فلا يَجوزُ لهم بِناؤُها، وهل يَجوزُ تَقريرُهم على الكَنيسةِ القائِمةِ؟ وَجهان: أصَحُّهما لا، وبه قطَع جَماعةٌ (١).

وقالَ ابنُ القَيمِ : وأمَّا ما كانَ فيها من ذلك قبلَ الفَتحِ، فهل يَجوزُ إبقاؤُه أو يَجبُ هَدمُه؟ فيه قَولانِ في مَذهبِ أحمدَ، وهما وَجهانِ لأَصحابِ الشافِعيِّ وغيرِه:

أحدُهما: يَجبُ إزالَتُه وتَحرُمُ تَبقيَتُه؛ لأنَّ البِلادَ قد صارَت مِلكًا للمُسلِمينَ، فلم يَجزْ أنْ يُقَرَّ فيها أمكِنةُ شِعارِ الكُفرِ كالبِلادِ التي مصَّرَها المُسلِمونَ؛ ولقَولِ النَّبيِّ : «لا تَصلُحُ قِبلَتانِ ببَلَدٍ» (٢).

وكما لا يَجوزُ إبقاءُ الأمكِنةِ التي هي شِعارُ الفُسوقِ كالخَمَّاراتِ والمَواخيرِ، ولأنَّ أمكِنةَ البِيَعِ والكَنائسِ قد صارَت مِلكًا للمُسلِمينَ، فتَمكينُ


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٢٣).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: أخرجه أبو داود (٢٦٣٦) ومن طَريقِه البيهقي في «الكبرى» (٨/ ٢٠٨)، والترمذي (٦٣٣)، وأحمد في «المسند» (١/ ٢٢٣، ٢٨٥) وغيرُهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>