وقالَ الإمامُ الشِّيرازيُّ ﵀: وهل يَجوزُ إقرارُهم على ما كانَ منها قبلَ الفَتحِ؟ يُنظَرُ فيه؛ فإنْ كانَ في بَلدٍ فُتحَ صُلحًا واستُثني فيه الكَنائسُ والبِيَعُ جازَ إقرارُهما؛ لأنَّه إذا جازَ أنْ يُصالِحوا على أنَّ لنا النِّصفَ ولهم النِّصفَ جازَ أنْ يُصالِحوا على أنَّ لنا البَلدَ إلا الكَنائسَ والبِيَعَ.
وإنْ كانَ في بَلدٍ فُتِح عَنوةً أو فُتحَ صُلحًا ولمْ تُستثْنَ الكَنائسُ والبِيَعُ ففيه وَجهانِ:
أحدُهما: أنَّه لا يَجوزُ كما لا يَجوزُ إقرارُ ما أحدَثوا بعدَ الفَتحِ.
والثاني: أنَّه يَجوزُ؛ لأنَّه لمَّا جازَ إقرارُهم على ما كانُوا عليه من الكُفرِ جازَ إقرارُهم على ما يُبنى للكُفرِ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ما فتَحَه المُسلِمونَ عَنوةً لا يَجوزُ إحداثُ شَيءٍ من ذلك فيه؛ لأنَّها صارت مِلكًا للمُسلِمينَ، وما كانَ فيه من ذلك ففيه وَجهانِ:
أحدُهما: يَجبُ هَدمُه وتَحرُمُ تَبقيَتُه؛ لأنَّها بِلادٌ مَملوكةٌ للمُسلِمينَ فلم يَجزْ أنْ تَكونَ فيها بِيعةٌ كالبِلادِ التي اختَطَّها المُسلِمونَ.
والآخَرُ: يَجوزُ؛ لأنَّ في حَديثِ ابنِ عَباسٍ: «أيُّما مِصرٍ مصَّرَته العَربُ فليسَ للعَجمِ أنْ يَبنوا فيه بِيعةً ولا يَضرِبوا فيه ناقوسًا ولا يَشربوا فيه خَمرًا ولا يتَّخِذوا فيه خِنزيرًا، وأيُّما مِصْرٍ مصَّرَته العَجمُ ففتَحَه اللهُ ﷿ على العَربِ فنزَلُوا فيه؛ فإنَّ للعَجمِ ما في عَهدِهم، وعلى العَربِ أنْ يُوفوا بعَهدِهم