للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الدُّسوقيُّ : أي: التي أُقِرَّ بها ذلك، سَواءٌ كانَ فيها مُسلِمونَ أو لا، وأمَّا القَديمةُ المَوجودةُ قبلَ الفَتحِ؛ فإنَّها تَبقى ولو بلا شَرطٍ كما هو مَذهبُ ابنِ القاسِمِ (١).

وأمَّا الشافِعيةُ فقالَ الماوَرديُّ : ما فتَحَه المُسلِمونَ عَنوةً من بِلادِ الشِّركِ لا يَجوزُ أنْ يُصالِحوا على استِئنافِ بِيَعٍ وكَنائسَ فيها، فأمَّا ما تَقدَّمَ من بِيَعِهم وكَنائسِهم، فما كانَ منها خَرابًا عندَ فَتحِها لم يَجزْ أنْ يَعمُرُوه؛ لدُروسِها قبلَ الفَتحِ، فصارَت كالمَواتِ، فأمَّا العامِرُ من البِيَعِ والكَنائسِ عندَ فَتحِها، ففي جَوازِ إقرارِها عليهم إذا صُولِحوا وَجهانِ:

أحدُهما: يَجوزُ إقرارُها عليهم لخُروجِها عن أملاكِهم المَغنومةِ، وهو الصَّحيحُ، ولذلك أُقرَّت البِيَعُ والكَنائسُ في بِلادِ العَنوةِ.

والوَجهُ الثانِي: يَملِكُها المُسلِمونَ عليهم، ويَزولُ عنها حُكمُ البِيَعِ والكَنائسِ وتَصيرُ مِلكًا لهم مَغنومًا لا حَقَّ فيها لأهلِ الذِّمةِ؛ لأنَّه ليسَ لما ابتَنَوْه منها حُرمةٌ، فدخَلَت في عُمومِ المَغانمِ، فعلى هذا إنْ بيعَت عليهم لتَكونَ على حالِها بِيَعًا وكَنائسَ لهم، ففي جَوازِه وَجهانِ:

أحدُهما: يَجوزُ استِصحابًا لحالِها.

والوَجهُ الآخَرُ: لا تَجوزُ لزَوالِها عنهم بمِلكِ المُسلِمينَ لها، فصارَت كالبِناءِ المُبتَدأِ (٢).


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٣)، و «بلغة السالك» (٢/ ٢٠٢)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٤٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٨٤).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٢١، ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>