للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ عبدُ المَلكِ : لا يَجوزُ الإحداثُ مُطلَقًا ولا يُتْرَكُ لهم كَنيسةٌ (١).

أمَّا الشافِعيةُ: فقالَ الإمامُ النَّوويُّ : فَصلٌ، وأمَّا ما يَلزمُهم فخَمسةُ أُمورٍ؛ الأولُ: في الكَنائسِ والبِيَعِ.

فالبِلادُ التي في حُكمِ المُسلِمينَ قِسمانِ: أحدُهما: ما أحدَثَه المُسلِمونَ كبَغدادَ والكُوفةِ والبَصرةِ فلا يُمكَّنُ أهلُ الذِّمةِ من إِحداثِ بِيعةٍ وكَنيسةٍ وصَومعةِ راهِبٍ فيها ولو صالَحَهم على التَّمكُّنِ من إِحداثِها، فالعَقدُ باطِلٌ، والذي يُوجَدَ في هذه البِلادِ من البِيَعِ والكَنائسِ وبُيوتِ النارِ لا يُنقَضُ لاحتِمالِ أنَّها كانَت في قَريةٍ أو بَرِّيةٍ فاتَّصلَ بها عِمارةُ المُسلِمينَ؛ فإنْ عُرفَ إحداثُ شَيءٍ بعدَ بِناءِ المُسلِمينَ نُقضَ (٢).

أمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ ابنُ قُدامةَ : ما مصَّرَه المُسلِمونَ كالبَصرةِ والكُوفةِ وبَغدادَ وواسِطَ فلا يَجوزُ فيه إِحداثُ كَنيسةٍ ولا بِيعةٍ ولا مُجتمَعٍ لصَلاتِهم، ولا يَجوزُ صُلحُهم على ذلك، بدَليلِ ما رُويَ عن عِكرِمةَ قالَ: قالَ ابنُ عَباسٍ: «أيُّما مِصرٍ مصَّرَتْه العَربُ فليسَ للعَجمِ أنْ يَبنوا فيه بِيعةً، ولا يَضرِبوا فيه ناقوسًا، ولا يَشرَبوا فيه خَمرًا، ولا يتَّخِذوا فيه خِنزيرًا» رَواه الإمامُ أحمدُ واحتَّجَ به، ولأنَّ هذا البَلدَ مِلكٌ للمُسلِمينَ فلا يَجوزُ أنْ يَبنوا


(١) «مواهب الجليل» (٣/ ٣٨٤)، و «تهذيب المدونة» (٣/ ١٢٤)، و «بلغة السالك» (٢/ ٢٠٢).
(٢) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٢٣)، وانظر: «فتاوى السبكي» (٢/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>